نقص الكيل والميزان من الأمور التي نهى عنها الشارع ،وجعلها نوعًا من الإفساد في الأرض ،والذي ينقص الكيل والميزان،يأتي يوم القيامة مفلسًا ،فينقص من ميزان حسناته،ويوضع في ميزان الناس،فيتمنى ساعتها لو زاد الكيل للناس،ولا يأخذون منه شيئًا في وقت يكون المرء فيه أحوج مايكون إلى حسنة تنجيه من عذاب الله تعالى ،وقد أتت الآيات صريحة في النهي عن الغش في الكيل والميزان .
يقول الدكتور رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم:
لا شكَّ أن نقص الكيل والميزان من الفساد في الأرض؛ لأن فيه أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى عنه القرآن الكريم: -قال تعالى:(ولا تَأكلُوا أمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالبَاطِل)
– وقال تعالى: (يَا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا لاَ تَأكْلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بَالبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكونَ تِجارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).
ولقد كان أساس دعوة شعيب ـ عليه السلام ـ بعد الدعوة إلا عبادة الله عز وجل ـ هو الدعوة إلى الوفاء بالكيل.
قال تعالى: (أَوْفُوا الكَيْلَ ولاَ تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرينَ وزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ولاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ولاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدينَ).
وقال تعالى: (ولاَ تَنْقُصُوا المِكيالَ والمِيزانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحْيطٍ).
ولقد توعَّد الله ـ عزَّ وجلَّ ـ المطفِّفين الذين يجُورون في الكيلِ والميزان بما يحقِّق فائدة في نظرهم قال تعالى: (وَيْلٌ للمُطَفِّفين الذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرونَ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعوثونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ).انتهى
فحالُ المطففين الربحُ الظاهر في الدنيا عندهم ، لكنهم سيدفعون ثمن هذا في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تمحق بركةُ رزقِهم، ويسلط الله عليهم البلاء، وفي الآخرة يدفَعون ما سرقوه أضعافًا مضاعفة.
-ففي الحديث عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال:: “وما نقَص قوم المكيالَ إلا ابتُلِوا بالسنين وشدةِ المَؤونة، وجَور السلطان.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: “ما طفَّف قوم كيلاً ولا بخسوا ميزانًا إلا منَعهم الله عز وجل القَطْر.
وعند أبي داود عن عائشةَ رضي الله عنها أنها ذكَرت النار فبكت، فقال رسول الله ﷺ: ((ما يبكيكِ؟))، قالت: ذكرتُ النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال رسولُ الله ﷺ: “أما في ثلاثةِ مواطن فلا يذكُرُ أحَدٌ أحدًا: عند الميزان حتى يعلم أيخفُّ ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19]، حتى يعلم أين يقع كتابُه، أفي يمينِه، أم في شِماله، أم مِن وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم”.
وعن ابن عباس قال: “ما ظهَر الغُلول في قوم إلا ألقى اللهُ في قلوبهم الرعبَ، ولا فشا الزنا في قوم إلا كثُر فيهم الموت، ولا نقَص قومٌ المكيال والميزان إلا قُطِع عنهم الرزق، ولا حُكِم بغير حق إلا فشا فيهم الدمُ، ولا ختر قومٌ بالعهد إلا سُلِّط عليهم العدو”؛ أخرجه في الموطأ.