لارتباط الاسمين ببعضهما ، جعلنا الكلام عليهما في مكان واحد .
معنى “المقدم – المؤخر” في اللغة:
المقدِّم :
قدم بالفتح يقدم قدما ، أي تقدم ، قال الله تعالى ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَورَدَهُمْ النَّارْ ) [هود : 98] .
وقدم الشيء بالضم قدما فهو قديم ، وتقادم مثله ، والقِدم خلاف الحدوث .
وأقدم على الأمر إقداما ، والإقدام : الشجاعة .
وأقدمه وقدَّمه بمعنى .
وقدّم بين يديه أي تقدّم ، قال تعالى : ( لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) [الحجرات : 1].
والقدم : قدم الرجل وجمعه أقدام ، وبه اعتبر التقدّم والتأخر .
والقدم أيضا : السابقة في الأمر كما في قوله عز وجل : ( قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ) [ يونس : 2] .
أما المؤخّر :
أخّرته فتأخّر واستأخر مثل تأخّر .
والآخر : بعد الأول ، تقول : جاء آخرا أي أخيرا .
والتأخّر ضد التّقدم ، والتأخير ضد التّقديم ، كما في قوله : ( مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) [ الفتح : 2] .
وقد تأخّر عنه تأخّرا وتأخّرة .
وأخّرته فتأخّر واستأخر .
وفي التنزيل : ( وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرِينَ ) [ الحجر: 24].
وآخرة العين ومؤخرها ومؤخرتها : ما ولي اللّحاظ ” أي الذي يلي الصدغ ” ، ومقدمها : الذي يلي الأنف .
ومؤخرة الرّحل ومؤخّرته وآخرته وآخره ، كلّه خلاف قادمته وهي التي يستند إليها الراكب .
وقال الراغب : وقولهم أبعد الله الآخر، أي المتأخّر عن الفضيلة ، وعن تحدّي الحق.
اسم الله “المقدم – المؤخر” في السنة النبوية:
1- وردا في حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن النبي ﷺ أنه كان يدعو بهذا الدعاء : ” اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جدي وهزلي ، وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدّم وأنت المؤخّر ، وأنت على كل شيء قدير ” .
2- ووردا في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفه لصلاة النبي ﷺ إذ يقول : ” …. ثم يكن من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدّم وأنت المؤخّر لا إله إلا أنت ” .
3- ووردا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” كان النبي ﷺ إذا قام من الليل يتهجد قال : اللهم لك الحمد أنت قيّمُ السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ، ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وقولك حق ، والجنة حق ، والنار حق والنبيون حق ، ومحمد ﷺ حق ، والساعة حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدّم وأنت المؤخّر لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك ” .
معنى “المقدم – المؤخر” في حق الله تبارك وتعالى:
قال الخطابي : ” المقدم” هو المنزّل للأشياء منازلها ، يقدم ما شاء منها ، ويؤخر ما شاء ، قدّم المقادير قبل أن يخلق الخلق .
وقدّم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده .
ورفع الخلق بعضهم فوق بعض درجات ، وقدّم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين .
وأخّر من شاء عن مراتبهم وثبّطهم عنها .
وأخّر الشيء عن حين توقعه ، لعلمه بما في عواقبه من الحكمة .
لا مقدّم لما أخّر ، ولا مؤخر لما قدم .
قال : والجمع بين هذين الاسمين أحسن من التفرقة .
وقال الحليمي : ” المقدم ” وهو المعطي لعوالي الرّتب .
ومنها ” المؤخر” وهو الدافع عن عوالي الرّتب .
وقال البيهقي : ” المقدم والمؤخر ” هو المنزّل للأشياء منازلها ، يقدّم ما شاء ومن شاء ، ويؤخّر ما شاء ومن شاء .
وقال ابن الأثير : في أسماء الله تعالى ” المقدّم ” هو الذي يقدم ألأشياء ويضعها في مواضعها ، فمن استحق التقديم قدّمه .
وقال في ” المؤخر ” هو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها ، وهو ضد المقدم .
وقال النووي : يقدّم من يشاء من خلقه إلى رحمته بتوفقه ويؤخّر من يشاء عن ذلك لخذلانه .
وقال ابن القيم :
وهو المقدّم والمؤخّـــرذانك الــ ــصّفتان للأفعال تابعتان
وهما صفات الذّات أيضا إذ هما بالذّات لا بالغير قائمتان
إلى آخر كلامه رحمه الله .
من آثار الإيمان باسم الله “المقدم – المؤخر”:
1- ” من أسمائه سبحانه ” المقدّم ” و ” المؤخر” ، وهما من الأسماء المتقابلة التي لا يجوز إفراد أحدها عن مقابله ، كما ذكرنا ذلك في المعزّ والمذل ، والخافض والرافع ، والقابض والباسط ، والمانع والمعطي ، ونحوها .
فهو سبحانه المقدم لبعض الأشياء على بعض ، إما تقديما كونيّا ، كتقديم بعض المخلوقات في الوجود على بعض ، وكتقديم الأسباب على مسبباتها ، والشروط على مشروطاتها .
وإما تقديما شرعيا معنويا ، كتفضيل الأنبياء عليهم السلام على سائر البشر ، وتفضيل بعض النّبيين على بعض ، وتفضيل العباد كذلك بعضهم على بعض .
وهو سبحانه المؤخر لبعض الأشياء عن بعض ، إما بالزمان أو بالشرع كذلك .
والتقديم والتأخير صفتان من صفات الأفعال التابعة لمشيئته تعالى وحكمته وهما أيضا صفتان للذات ، إذ قيامها بالذات لا بغيرها .
وهكذا كل صفات الأفعال هي من هذا الوجه صفات ذات حيث أنّ الذات متصفة بها ، ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال تسمى صفات أفعال .
ولهذا غلط علماء الكلام من الأشاعرة حين ظنوا أن هناك نوعين مختلفين من الصفات : أحدهما : قائم باذات لازم لها . كصفات المعاني السبعة التي هي : 1 – العلم ، 2 ــ والقدرة ، 3- والإرادة ، 4- والحياة ، 5- والسمع ، 6- والبصر ، 7- والكلام .
والثاني : صفات أفعال لا تقوم عندهم بالذات ، بل هي نسب إضافية عدمية ، تنشأ من إضافة المفعول لفاعله ، ولا يعقل لها وجود إلا بتلك الإضافة ، فوجودها أمر سلبي ، وليس لها وجود في نفسها ، فليس ثمت عندهم موجود إلا المفعولات ، وأما الأفعال فنسب وإضافات!!
وهذا قول باطل ! مخالف كما قدمنا لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف ، بل والعقل أيضا ، الذي يقضي بأن تكون صفات الأفعال قائمة بمن فعلها ، ويكن متّصفا بها من قالها أو عملها ، إذ لا يتصوّر في العقل مفعول من غير فعل ، ولا مخلوق من غير خالق ، كما لا يتصور أحد اسما مشتقا ولا يكون دالاّ على صفة في المحل المسمى به .
والذي أوقعهم في هذا الغلط الشنيع : أن صفات الأفعال عندهم لا تكون إلا حادثة ! لتعلّقها بالمفعولات الحادثة .
فيستحيل عندهم قيامها بذاته تعالى ، لأن قيام الحوادث به مستلزم لحدوثه ، فارتكبوا بهذه الأكذوبة أعظم جناية على الدين ، حيث نفوا كلّ الصفات الفعلية التي جاء بها الكتاب والسنة ، من الاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا وتكليمه لبعض عباده في بعض الأزمنة ، وحبه ورضاه وغضبه ومقته … إلغ .
كما نفوا أفعاله التي يوجدها شيئا بعد شيء تبعا لحكمته ، وأواله التي يتكلم بها شيئا بعد شيء كذلك!
ولا شك أن هذا التعطيل لأفعاله لهو كتعطيل الجهمية والمعتزلة لصفات ذاته بلا فرق أصلا ، فإذا كان هذا التعطيل لصفاته الذاتية باطلا بإقرار هؤلاء أنفسهم ، فيجب أن يكون التعطيل لصفاته الفعلية باطلا كذلك .
2- وقال القرطبي بعد أن ذكر حديث ابن عباس السابق : ” خرجه الأئمة ، وأجمعت عليهما الأمة ، ولا يجوز الدعاء بأحدهما دون الآخر، قاله الحليمي .
وكلاهما ظاهر المعنى ، وهما من صفات الأفعال ، يرفع من يشاء ، ويخفض من يشاء ، ويعز من يشاء ، ويذلّ من يشاء ، ويقرب من يشاء ، ويبعد من يشاء ، فمن قدّم فقد نال المراتب العلى ، ومن أخّر فقد ردّ إلى السّفلى .
قال الحليمي : ” المقدم ” : هو المعطي لعوالي الرتب ، و ” المؤخر ” هو الدافع عن عوالي الرتب .
فقرّب أنبياءه وأولياءه بتقريبه وهدايته ، وأخزى أعداءه بإبعاده ، وضرب الحجاب بينه وبينهم .
قدّر المقادير قبل أن يخلق الخلق ، وقدّم من أحب من أوليائه على عبيده ، ورفع الخلق بعضهم فوق [ بعض ] درجات ، ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [ الأنبياء:23] .
وكلّ ممكن إنما تخصّص في زمانه وصفاته وسائر أحواله ، بإرادة الخالق سبحانه .
وقد يراد بالتقديم والتأخير : بعض الموجودات على بعض في الإبداع ، وتأخير بعضها على بعض .
وقد يراد بهما : تقديم بعض الموجودات على بعض في الرّتبه والشّرف ، وتأخير بعضها على بعض ، كما ذكرنا .
فعلى هذا ، قد يكون الشيء مقدَّما في الإبداع والشّرف معا ، وقد يكون مقدَّما في الإبداع مؤخّرا في الشّرف .
وقد يكون مؤخّرا في الإبداع مقدما في الشرف ، كمحمد ﷺ الذي هو آخر الأنبياء وهو أشرفهم .
وكنوع الإنسان الذي أبدعه الله بعد موجودات كثيرة ، وفضّله على كثير منها ، وقدّم إبليس قبل موجودات كثيرة ، وهو شرّ منها كلها .
وقد يجتمع لبعض الموجودات تقديم الإبداع والشرف ، كالعرش والكرسي والقلم والعقل ، الذي هو من أول المبتدعات ، وهي عند الله مشرفات .
3- فيجب على كل ملكف أن يعتقد أن الله تعالى هو المقدم المؤخر بكل اعتبار ، قدّم من شاء وأخّر من شاء ، في الخلق والرّتبة ، أو الرتبة دون الخلق ، وهو سبحانه على كل شيء قدير .
وإذا كان هذا فحق على الإنسان أن يقدّم ما قدّمه الله ، ويؤخر ما أخّره الله ، فإنه تعالى الخافض الرافع ، فيعزّ من أعزّه الله بطاعته من إخوانه المؤمنين ، ويهجر من أذلّه الله بمعصيته ، ثم إذا تاب عطف عليه وقدّمه بحسب درجته .
فمن أراد أن يرفعه الله تعالى ، ويقدمه على غيره ، فليسابق إلى طاعته والعمل بمرضاته ، والتقرب إليه بما استطاع من محبوباته فإنه سبيل التقديم إلى مراتب الشرف والكرامة والخير والرحمة في الدنيا والآخرة .
وأما من تراخى عن الأخذ بمعاقد العزّ والشرف ، وتكاسل عن القيام بما أوجب الله عز وجل عليه من الواجبات وتخلّف ، وتعدى حدود الله ، وللتوبة سوّف ، فإنه المتأخر عن درجات الخير والثواب ، المؤخر في الآلام والعذاب .
فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ رأى في أصحابه تأخّرا فقال لهم : ” تقدّموا فأتموا بي ، وليأتمّ بكم من بعدكم ، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم ” .
وفي رواية : رأى رسول الله ﷺ قوما في مؤخّر المسجد فذكر مثله .
وقد قيل : إن معنى ” يؤخرهم الله ” أي عن رحمته .
وقد ورد ما يشبه هذا .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ : ” لا يزال قوم يتأخّرون عن الصفّ الأول ، حتى يؤخرهم الله في النار ” .
ولهذا حثّ ﷺ أصحابه إلى التقدم إلى الصفوف الأولى والتسابق عليها ، والتكبير إلى المساجد ، فقال عليه الصلاة والسلام : ” لو يعلم الناس ما في النّداء والصفّ الأول ثم لم يجدو إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ، ولو يعلمون ما في التّهجير ، لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصّبح لأتوهما ولو حبوا ” .
وقد قال عز وجل : (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [ آل عمران : 133] .
وقال سبحانه : (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِه ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم) [ الحديد :21] .
فمن كان سبّاقا إلى الخيرات وعمل الصالحات في الدنيا ، كان من السابقين لدخول الجنات في الأخرى ، والناس في هذا درجات .
ففي الحديث في صفات المارّين على الصراط يقول ﷺ : “… فيمرّ أوّلكم كالبرق ، قال : قلت : بأبي أنت وأمي ، أي شيء كمرِّ البرق ؟ قال : ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفه عين ؟ ثم كمرِّ الريح ، ثم كمر الطّير وشدِّ الرجال ، تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط يقول : ربِّ سلّم سلّم ، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يسيطيع السير إلا زحفا ، قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلّقة مأمورة بأخذ من أمرت به ، فمخدوش ناج ومكدوس في النار ” .
ويذكر ﷺ من أُخّر عن دخول الجنة حتى دخل أهل الجنة كلهم إلى منازلها وبقي هو ، فيقول ﷺ عنه : “… ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل مقبل بوجهه عن النار ، وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، فيقول أي ربّ ! اصرف وجهي عن النار ، فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوا ، ثم يقول الله تبارك وتعالى : هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره ! فيقول : لا أسألك غيره ، ويعطي ربّه من عهود ومواثيق ما شاء الله ، فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت . ثم يقول : أي ربّ ! قدّمني إلى باب الجنة ، فيقول الله له : أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الّذي أعطيتك ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ! فيقول : أي ربّ ! ويدعو الله حتى يقول له : فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره ! فيقول : لا وعزّتك ! فيعطي ربّه ما شاء الله من عهود ومواثق ، فيقدّمه إلى باب الجنة، فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة ، فرأى ما فيها من الخير والسّرور ، فيسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول أي ربّ ! أدخلني الجنة ، فيقول الله تبارك وتعالى له : أليس قد أعطيت عهودك ومواثقك أن لا تسأل غيره ما أعطيت ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ! فيقول أي ربّ ! لا أكون أشقى خلقك ، فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه ، فإذا ضحك الله منه ، قال : ادخل الجنة ، فإذا دخلها قال الله له : تمنّه ، فيسأل ربّه ويتمنى ، حتى إنّ الله ليذكّره من كذا وكذا ، حتى إذا انقطعت به الأمانيّ . قال الله تعالى : ذلك لك ومثله معه ” .
قال عطاء بن يزيد : وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يردّ عليه من حديثه شيئا. حتى إذا حدّث أبو هريرة : إنّ الله قال لذلك الرجل : ” ومثله معه ” . قال أبو سعيد : وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة ! قال أبو هريرة : ما حفظت إلاّ قوله : ” ذلك لك ومثله معه ” . قال أبو سعيد : أشهد أنّي حفظت من رسول الله ﷺ قوله ” ذلك لك وعشرة أمثاله ” قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة .
من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي