جاء في الحديث (من صلَّى البَرْدَيْنِ دخل الجنة) وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم، والبَرْدَانِ هما صلاة الصبح والعصر، لوقوعهما في أول النهار وآخره، والمقصود هو الحثُّ على المحافظة عليهما، فهما الوقتان اللذان تتبادل فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار، كما صحَّ في حديث البخاري ومسلم وأحمد، حيث يسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهو يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين.
والمراد من الحديث التأكيد على المحافظة على هاتين الصلاتين، كما قال سبحانه ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلوَات الوُسْطَى وقُومُوا للهِ قَانِتِين) ( سورة البقرة : 238)، وكَما قال في صفات المؤمنين المفلحين ( والذين هم على صلواتهم يُحافظون) ( سورة المؤمنون:9)، ومَن حافَظَ على هاتَيْن الصلاتين سيُحافِظ على غيرهما؛ لأن الْأُولى تكون بعد النوم والنَّفس تتراخى عن القيام إليها، فمن قام وأدَّاها في وقتها الضيِّق خشيةَ أن تفوته دلَّ ذلك على عِنايته بالصلاة وعدم تهاونه فيها، وكذلك الثانية تُؤدَّى بعد جهد كبير طول النهار قد يكون طلب الراحة من العمل داعيًا إلى إهمالها، فمَن حافظ عليها كانت محافظَتُه على غَيْرها أيسر، وقد نصَّ على أنَّها هي الصلاة الوُسْطى التي ركَّز الله على الاهتمام بها والمحافظة عليها.
ومما جاء في التأْكيد على هاتَين الصلاتين حديث رواه مسلم: “لن يلجَ النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، يعنى الفجر والعصر”، وحديث البخاري ومسلم “من ترك صلاة العصر فقط حَبِط عمله” وفي رواية “فكأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه.