في الوقت الذي يحزن فيه الناس على الدنيا وما يفوتهم فيها من متاعها الفاني، نجد من يحزن على عدم تذوقه حلاوة الإيمان أو ضعف نور الإيمان في صدره، ولهذا نقول لمن يحزن على عدم تذوقه حلاوة، أبشر فإن إيمانك بخير، لأن هذه الأعراض هي أعراض تصيب النفس البشرية.
وقد شعر الصحابة رضوان الله عليهم بهذا ، فشعروا بحلاوة العبادة ولذة مناجاة الله وهم في معية رسول الله ﷺ، ثم بعد خروجهم من حضرته ﷺ إلى الدنيا تذهب عنهم هذه الحلاوة ويفتر هذا الحماس، فاشتكوا حالهم إلى رسول الله ﷺ ففي الحديث الذي رواه مسلم عن حنظلة بن الربيع الأسدي ، أنه جاء إلى أبي بكر ٍ رضي الله عنه وأرضاه فقال: {يا أبا بكر نافق حنظلة . قال: وما ذاك؟ قال: إنا نكون عند رسول الله ﷺ على حال من الإيمان، وقوة اليقين، واستحضار الآخرة، فإذا فارقناه وذهبنا إلى بيوتنا عافسنا الأولاد والأزواج والضيعات، ونسينا كثيراً.
قال أبو بكر : والله إني لأجد مثل ذلك، فذهبوا إلى النبي ﷺ، فقال حنظلة مثلما قال، فقال النبي ﷺ: إنكم لو تدومون على الحال التي تكونون بها عندي في جميع الأوقات؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ، ساعةً وساعة}.
ومن أعظم الإشارات التي تؤخذ من هذا الحديث أن حال المسلم ليس ثابتا بل هو في انخفاض وارتفاع فأحيانا يقترب حتى يدخل في المناجاة ويري إشراق نور الإيمان في صدره ثم بعد ذلك يتعرض لبعض المؤثرات الخارجية التي تذهب به بعيدا عن هذه المعية ويفقد اللذة التي كان يحصلها في الماضي وإذا كان ينقص الإيمان بالفترة عن الذكر فمن باب أولى ينقص بفعل المعاصي . . . فإذا هو عاد إلى مجالس الذكر واستحضر مقام ربه في قلبه، استحضر هذه الحلاوة مرة أخرى.
وملاك هذا الأمر في قلب الإنسان فقلب الإنسان هو النافذة التي يدخل منها نور الإيمان للإنسان، فإن كانت هذه النافذة سليمة استقبلت النور، أما إذا كانت هذه النافذة خربة عليها خيوط العنكبوت فإنها تحجب الضوء، هكذا القلب، فإذا كان القلب عامرا بحب الله سطع فيه نور الإيمان، وإن كان القلب مريضا فإنه لا يشعر بحلاوة الإيمان، وكل قلب يستشعر حلاوة الإيمان بقدر صلاحية هذا القلب لتذوق هذه الحلاوة.
وما قلب الإنسان إلا كالإناء فإذا كان الإنسان من أهل الصلاح ومن أهل الحسنات كان القلب سليماً، وإذا أشرب القلب الفتن وخاض في الشهوات كان كالكوز مجخيا، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسيلم قال: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً، عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتي يصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما مادمت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً، كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ، فيبين هذا الحديث أن القلوب تصير إلى قسمين وذلك بعد أن تمر عليها الفتن، قلب أبيض وقلب أسود. قال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد ذكره للحديث المتقدم في إغاثة اللهفان (( وقد قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة، كما صح عن حذيفة بن اليمان القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن. وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر. وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمي. وقلب تمده مادتان، مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما.أهـ
ثم إن الشيطان لا يرضى للإنسان إلا المعصية، حتى يلقى الله عاصيا ويدخل النار، وبهذا يشترك مع الشيطان في سوء المصير.
وقد حذرنا الله من مكائد الشيطان وتلاعبه بنا فقال تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” النور21
وقد قال تعالى:”وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ” البقرة221
وقد كان الصحابة يسألون رسول الله عن طريق الجنة فيرشدهم جاء في صحيح البخاري:نْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ .
قَالَ :” تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ” قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا فَلَمَّا وَلَّى. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا”
وأتاهم أحدهم يسأله النصيحة فقال له لا تغضب، جاء في صحيح البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي قَالَ لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ.
وأرشد النبي ﷺ أمته إلى جملة من الأعمال الفاضلة التي تضمن لهم الدرجات العلى، جاء في البخاري عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ “الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ.”
وفي صحيح مسلم أيضا عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟
قَالَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ.
قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟
قَالَ: أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا.
قَالَ قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟
قَالَ: تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ.
قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟
قَالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنْ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ.”
فهذه جملة من الأعمال الفاضلة أرشدنا إليه المعصوم ﷺ، لو سرت أيها المسلم على هديها بتوحيد خالص، ونية صالحة لأدت بك إلى الجنة بإذن الله تعالى.
ومن أراد أن يستشعر حلاوة الإيمان فعليه بإصلاح القلب فهو العضو الذي به يدرك حلاوة الإيمان، ومن أبلغ الإشياء في إحياء القلوب تعلم العلم الشرعي مع إدامة الذكر والتسبيح، وكثرة المكث في المساجد، وقراءة القرآن مع البعد عن المعاصي وأهلها.
إنَّ قسوة القلب داءٌ له أسبابه وله دواؤه، فإذا اتَّقى المؤمن أسبابه كان ذلك نصف العلاج، ويبقى تعاطي الدواء الذي يستأصله ويشفي صاحبه منه.
من أشد أسباب قسوة القلب:
وفي الحديث: (إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلو قلبه، وهو الرَّان الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون))رواه الترمذي وقال حسنٌ صحيح.
2- الغفلة عن ذكر الله عزَّ وجلَّ، والإعراض عن الموعظة والتذكُّر والتفكُّر في خلقه وآلائه، وفي القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) يعني أنَّ الذين قست قلوبهم من غفلتهم عن ذكر الله وإعراضهم عن الموعظة ويلٌ لهم، وهذا إنذارٌ وتحذيرٌ لما ينتظرهم من عذاب الله يوم لقائه.
3- أكل الحرام؛ أي أن يكون المال الذي يعيش منه المرء مالاً مكتسبًا من طرقٍ غير شرعيَّةٍ.. كالعمل في الخمر، والربا، والقمار، والمخدرات، وغير ذلك من أصناف المحرمات.. فإذا كان المرء يتغذى على الحرام فإنَّ ذلك يكون سببًا له في قسوة قلبه، ومانعًا له من استجابة دعائه، مصداقًا لحديث النبي ﷺ: (إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيُّها الرسل كلوا من الطيِّبات واعملوا صالحا)، وقال: (يا أيُّها الذين آمنوا كلوا من طيِّبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إيَّاه تعبدون)، ثمَّ ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام.. فأنَّى يُستجاب له) رواه مسلم، فهذا الحديث يبيِّن فيه عليه الصلاة والسلام أنَّ القوت الحرام يُفسد على المرء دينه، ويورثه قسوة القلب، ويحول بينه وبين استجابة دعائه، وهذا يعني أنَّ هذا المرء يكون بعيدًا عن ربِّه غير قريبٍ منه، فلا ينظر الله تعالى إليه ولا يستجيب له دعاءً.
دواء قسوة القلب ومعالجتها:
2- قراءة القرآن؛ فإنَّه أفضل الذكر ولاسيَّما إذا كانت قراءة القرآن بتدبُّرٍ ومدارسةٍ وتأمُّلٍ في مضامينه ومعانيه، فإنَّها تنوِّر القلب، وتُفسِح الصدر، وتُذهِب ما فيه من ضيقٍ وكدرٍ، مصداقًا لقوله عزَّ وجلّ: (وشفاء لما في الصدور)، وقوله عزَّ وجلَّ: (قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء)، وأيضًا قوله تعالى: (ونُنزِّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين)، فينبغي أن يكون للمؤمن حصَّةٌ من القرآن الكريم يداوم عليها كلَّ يومٍ حسب ما يسمح به وقته وما تساعده عليه ظروفه، من جزءٍ في اليوم أو جزأين، حتى لا ينقطع عن كتاب الله عزَّ وجلَّ ويكون دائم الصلة به، ومناجاته سبحانه.
3- الاستماع للموعظة، والاستماع للموعظة هو أشدُّ تأثيرًا في القلب من قراءة الكتب، فالاستماع له أثره في القلب ووقعه على النفس، فلذلك ينبغي للمؤمن أن يجلس مع الصالحين في مجالس المواعظ والدروس التي يلقيها العلماء الراشدون، فيختار من أهل العلم من يطمئن إلى دينه وعلمه فيجلس إليه ويستمع من مواعظه، كما يحرص على حضور الجمعة عند الخطباء الراشدين الذين ينتفع بحديثهم، ويتنوَّر قلبه بمواعظهم، فالعلماء والخطباء كثير، ولكن الراشد منهم قليل، لذلك فعلى المسلم أن يختار من يستمع منه وينتفع بحديثه، مصداقًا لقول الله عزَّ وجلّ: (فبشِّر عبادِ * الذين يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب)، فالله عزَّ وجلَّ يرشد العباد أن يستمعوا أحسن القول، وأقربه إلى قلوبهم ليكون له أثره المطلوب في تنوير القلب وتليينه.
4- مواساة الفقراء والمعوزين ولاسيَّما اليتامى منهم، فإنَّ الإحسان إلى المحرومين يكافئ الله عليه عبده بتليين قلبه، وتربية الرقة فيه، مصداقًا لحديث النبي ﷺ: (إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم) رواه الطبراني وقال الألباني حديثٌ حسن، فمواساة المحرومين والفقراء يثيب الله عليها عبده بهذه الصفة الجليلة، ألا وهي تليين القلب وجعله خاضعًا خاشعًا لله تعالى.
5- المداومة على العمل الصالح باختلاف أنواعه وأصنافه، فلا ينقطع العبد عن العمل الصالح قدر استطاعته وحسب قدرته، لأنَّ الاستمرار في العمل الصالح والمداومة عليه تجعل العبد دائم الصلة بربِّه، وعلى علاقةٍ متينةٍ به سبحانه، وهذا ما نفهمه من قول الله عزَّ وجل: (ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقِّ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)، فالله عزَّ وجلَّ يُحذِّر المؤمنين من صنيع أهل الكتاب من قبلهم، الذين أعرضوا عن دينهم، وغفلوا عن العمل الصالح، وأقبلوا على الدنيا ومغرياتها وشهواتها، فطال عليهم الأمد.. أي بعدت بينهم وبين دينهم وعبادة ربهم المسافة فقست قلوبهم، فلذلك يأمر سبحانه عباده من أهل الإسلام أن يكونوا دائمًا خاشعين لله عزَّ وجلَّ، مُقبلين على عبادته، متمسِّكين بالعمل الصالح حتى لا تنقطع العلاقة بينهم وبين ربِّهم، وحتى لا يطول عليهم الأمد وينسوا كثيرًا ممَّا أُمِروا به.
6- تعهُّد النفس بالتوبة الدائمة من كلِّ ذنبٍ، فإنَّ الران الذي تصنعه المعاصي على القلب حتى تغلِّفه بسواد المعصية لا يُذيبه إلا سرعة التوبة والأوبة إلى الله عزَّ وجل، يقول النبي ﷺ: (إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلو قلبه، وهو الرَّان الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون))رواه الترمذي وقال حسنٌ صحيح، فدوام التوبة الصادقة تجعل القلب في حياة دائمة، ولا تترك فرصةً للران -الذي يُورِث القلب القسوةَ- في أن يتكوَّن.
هذا باختصارٍ شديدٍ المنهج الذي ينبغي أن نسلكه لننعم بالخشوع ولين القلب كما وعد الله عزَّ وجلَّ الصالحين بذلك.
ثمَّ بعد هذا يلجأ إلى الدعاء، ويتضرَّع إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُليِّن قلبه، ويجعله خاشعًا لذكره سبحانه، ولاسيَّما أن يكثر من الدعاء الذي علَّمنا إيَّاه النبي ﷺ إذ قال: (ما أصاب أحدٌ قط همٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهمَّ إنِّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب الله همَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلَّمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمها) رواه أحمد وصحَّحه الألباني، فليكثِر من هذا الدعاء في مختلف الأحوال، ولاسيَّما في أوقات الاستجابة.. كالسجود، وبين وقت الآذان والإقامة، وفي يوم الجمعة، وهكذا.
ولا شكَّ أنَّك أيها المسلم إذا التزمت هذا المنهج فإنَّ الله عزَّ وجلَّ سيُحقِّق لك الله عز وجل رغبتك، وينوِّر صدرك، ويلين قلبك، إذا كنت غير واقعٍ في مانعٍ من الموانع التي سبق وأن ذكرناها، فإنَّه سبحانه إذا وعد وفى، وقد قال: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا).