ثَبَتَ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم أنه قال: “يقول الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم”.

وروى مسلم وغيره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال “لا يَقعُد قوم يذكرون الله إلا حَفَّتهم الملائكة وغَشِيَتهم الرحمة نزلت عليهم السكينة وذََكَرهم الله فيمن عنده.

وروى البخاري ومسلم حديثًا جاء فيه:أن لله ملائكة سَيّارة يبتغون مجالس الذِّكْر ، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذِكْر قَعَدوا معهم، وأن الله قد غفر لهؤلاء الذاكرين ولمن جلس معهم “هم القوم لا يَشقَى جَلِيسُهم”.

يؤخذ من هذا أن مجالس الذكر مشروعة، وأن الله يُبارك أهلها ويرضى عمن يشارك فيها ولو بمجرد الحضور دون ذكر، وقد قال المحققون: إن الذكر كأية عبادة لا يُقبل إلا إذا كان خالصًا لوجه الله، لا رياء فيه ولا سمعة، وإذا كان نابعًا من القلب يعبر عنه اللسان.

أما اللساني فقط مع الغفلة عن معنى الذكر وعدم الإحساس بجلال من يَذكُره الذاكر فلا أثر له في الوجدان والسلوك، والله وحدَه هو الذي يقدره، وكذلك إذا صحب الذكر أصوات صاخبة أو حركات خاصة تذهب الخشوع كان عبادة ظاهرية جوْفاء خالية من الروح.

ومثل ذلك يقال إذا كانت هذه المجالس تؤذي الغير كالمرضى المحتاجين إلى الراحة أو المشتغلين بمذاكرة علم أو عبادة أخرى، فقد روى أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اعتكف في المسجد فسَمِعَهم يَجهَرون بالقراءة وهم في قبة لهم، فكشف السُّتُور وقال: “ألا إنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ لربه، فلا يُؤذِيَنَّ بعضكم بعضا، ولا يَرفَعَنَّ بَعْضُكم على بعض بالقراءة.