علاج الأسنان عن طريق فحصها وتنظيفها وحشوها، لا يفطر الصائم إذا لم يصل إلى الجوف شيء من الدم أو غيره، فعلى المريض الذي يتعالج من ألم في أسنانه أن يحتاط لنفسه حتى لا يصل شيء إلى جوفه، وإن استطاع تأخير العلاج لبعد الإفطار لكان خيرا له لأنه بهذا يبتعد عن دائرة الشبهات .

يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان:

الدين الإسلامي دين يسر في جميع تشريعاته، لم يكلف أتباعه شططا، ولم يحملهم ما لا يطيقون، ومن باب رفع الحرج عنهم أنه رخَّص للمريض أو المسافر في نهار رمضان أن يُفطر خلال مرضه أو سفره، ثم يقضي بعد رمضان الأيام التي أفطرها فيه، فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” (البقرة: آية 183،،184)، وقال سبحانه: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”(البقرة: آية 185)

ومما يُفطر الصائم وصول أي شيء من المفطرات إلى جوفه من منفذ طبيعي كالفم أو الأنف، فإذا كانت السائلة تعالج أثناء صيامها من مرض في أسنانها، ويقوم الطبيب بتنظيف هذه الأسنان، فيتطاير من أثر ذلك الرذاذ في فم المريضة فإن مجته(أي بصقته) من المضمضة بماء ونحوه من الأدوية فصومها صحيح؛ لأنه لم يصل شيء منه إلى جوفها، أما إذا بلعته فقد بطل صومها وعليها ألا تبتلع هذا الرذاذ بل تمجه، وتتمضمض عقب كل مرة وصومها صحيح،

وأعتقد أن الطبيب يأمر المريض بين الفينة والفينة بمج ما تجمَّع في فمه من فضلات التنظيف؛ لأنها تؤذي المعدة، ويعطي المريض فرصة لذلك، خصوصا أن المريضة حريصة على العمل بالعزيمة انطلاقا من قوله -عز وجل-: “وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة: آية 184)، والله نسأل أن يشفي كل مريض وأن يتقبل من الجميع صالح الأعمال.

ويقول الشيخ حسنين مخلوف -رحمه الله- :

لا يُفْسد عندنا بوضع شيء من الزيت المعروف بروح القرنفل فوق الضرس ، وإن وجد الصائم طعمه في حلقه ، وفي المحيط :” طعم الأدوية وريح العطر إذا وُجد في حلقه لا يفطر ” ا.هـ

بل لو وضع في ضرسه ثَمَر القرنفل ولم يدخل في جوفه لا يفطر ؛ ففي شرح الدر :” لو مَضَغَ الأَهْلِيلَجَ فدخل البصاق حَلْقَه ولم يدخل من عَيْنِها في جوفه لا يفسد صومه ” ا.هـ لعدم إمكان التحرز منه .

بل فيه :” لو ابتلع ما بين أسنانه وهو دون الحمصة لا يفطر، وعلله في البحر بأنه فِعْل لا يمكن الاحتراز منه ، فيجعل بمنزلة الريق “.