يعتقد المسلم أن الرزق بيد الله تعالى ، وما عليه إلاّ أن يجد في الطلب ، والأخذ بالأسباب ، أما صناعة دواء معين لجلب الرزق فهو يصطدم مع العقيدة الصحية للمسلم .
أسباب الرزق:
يقول الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
إن الله ـ تبارك وتعالى ـ هو الرزَّاق ذو القوة المتين، وقد طالب عباده بالسعْي والعمل واكتساب الرزق من وُجوهٍ طيبة ووسائل مَشروعة، وقد حثَّ عباده ـ مثلاً ـ على بذْل الجهد وسلوك الطرق التي تهوَي إليها الفطرة والعقل السليم لكسْب الرزق الحلال من الطريق الحلال، فالله ـ تبارك وتعالى ـ يقول ـ مثلاً ـ: (فإذا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فانْتَشِرُوا في الأرْضِ وابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ واذْكُرُوا اللهَ كثيرًا لعلَّكمْ تُفلحونَ). (الجمعة: 10).
ويقول ـ أيضًا ـ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لكمُ الأرضَ ذَلُولاً فَامْشُوا في مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وإليهِ النُّشُورُ). (الملك: 15). ويقول ـ كذلك ـ: (وأنْ ليْسَ لِلإنْسَانِ إلاَّ مَا سَعَى. وأنَّ سَعْيَهُ سوْفَ يُرَى). (النجم: 39 ـ 40). ويقول ـ أيضًا ـ: (وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ ورَسولُهُ والمُؤمِنُونَ). (التوبة: 105).
هل توجد عقاقير لجب الرزق:
مِنَ الغفْلة الواضحة أن يعتقد المسلم أن هناك عقاقيرَ يصنعها بعض الناس لجلْب الرِّزق وتحقيق الخير ومنع الشر فالله ـ تبارك وتعالى ـ هو النافع الضارُّ، وإليه يرجع الأمر كله وهو ـ سبحانه وتعالى ـ القائل: (قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشاءُ وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ). (آل عمران: 26).
وقد نهى رسول الله ـ ﷺ ـ عن الاعتقاد في مثل هذه الأشياء أو الرُّكون إليها؛ لأنها تنطوي على روح الإشراك بالله وإدخال غيره فيما هو من اختصاصه وعلمه.أ.هـ
أسباب سعة الرزق:
من أراد سعة في الرزق فعليه الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى وحده فقط، وأن يتخذ الأسباب التي تجلب له الرزق ومن هذه الأسباب :
1 -تقوى الله:
-قال الله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].
-وقال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].
-وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].
-والتقوى كما قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه : (التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل).
-قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16].
2 -الاستغفار:
-قال تعالى على لسان نوح عليه الصلاة والسلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10، 12].
والاستغفار سبب للرزق الوافر كما في الآية، ومن بين العبارات التي يمكن للمسلم الاستغفار بها مثلًا: “أستغفر الله”، “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”، “ربِّ اغفر لي”، “أستغفر الله العليَّ العظيم”.
3 -الدعاء:
-قال تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) [غافر:60].
-قال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [ البقرة:186].
من بين أهم الوسائل التي يتواصل بها العبد مع ربه سبحانه: الدعاء، فمن خلاله يمكن أن يدعو اللهَ بقضاء حاجة، أو الشفاء من مرضٍ، أو تيسير أمرٍ، أو تفريج هَمٍّ، أو طلب رزقٍ، وما إلى ذلك،
ويجب أن يكون طعامه وشرابه حلالًا؛ لأنه سبحانه لا يقبل إلا طيبًا؛ لقول النبي ﷺ: ((إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعثَ أغبرَ، يَمدُّ يديه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ! ومَطعمه حرامٌ، ومَشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له).
4 –التسبيح:
يُسَن للمسلم التسبيحُ في كل وقت وفي أي مكان؛ إذ يمكن أن يَملأ ميزانه حسناتٍ في لحظات يُسبح الله فيها عز وجل، ويمكن أيضًا أن ينفعه الله تعالى بهذا التسبيح ويرزقه.
قال سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب) :[41-42].
-وقال سبحانه: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ إلى أن قال سبحانه في آخرها: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب:35].
وصح عن النبي ﷺ أنه قال في الحديث الصحيح: سبق المفردون قيل: يا رسول الله! ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات يعني: الموحدين أي: وحد الله.
وهكذا عند النوم، يستحب له عند النوم أن يسبح الله ثلاثًا وثلاثين، ويحمد الله ثلاثًا وثلاثين، ويكبر الله أربعًا وثلاثين عند النوم، أوصى النبي ﷺ بذلك فاطمة وزوجها عليًا، وقال: إن هذا خير لكما من خادم.
وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء، وبها يُرزق الخلق.
ومن عبارات التسبيح التي وردت عن النبي ﷺ: “سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله وأكبر”، و”سبحان الله وبحمده“، و”سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم”، و”لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
5 –التوكل على الله:
من عقيدة المسلم الصحيحة أن الله هو المعطي والمانع، ولا يستطيع أي مخلوق أن يَنزع من أي إنسان ما كتَبه الله له، فيكفي الإنسانَ أن يأتي بالأسباب المشروعة، ويتوكل على الله فيما يريد، ويكون موقنًا أنه الوحيد سبحانه القادر على رزقه وإغنائه؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي ﷺ، قال: “لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله، لرزَقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتَروح بطانًا”؛ فالتوكُّل سبب عظيمٌ لجلب الرزق.
6 –صلة الرحم:
من أسباب بسط الرزق وسَعتِه صلة الرحم ؛ فعن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “مَن أحبَّ أن يُبسَط له في رِزقه، ويُنسَأ له في أثرِه، فليَصِل رحمَه”، فهذه شهادة على جلب الرزق بهذه الطاعة، وليَحرِص المسلم على فِعلها وعدم قطعها، حتى وإن لزِم أن يَصبِر على ما يَلقاه من الأذى مِن ذوي أرحامه.
7 –الصدقة:
باب عظيم من أبواب الخير، وصورة من صور تكافُل الناس فيما بينهم، بالإنفاق قليلًا أو كثيرًا على الفقراء والمُعوزين من الأمة، وهي مِفتاح جالب للرزق؛ لكون الصدقة لا تنقص من مال صاحبها، وإنما يُنميه له الله ويُرْبِيه، ويبارك فيه؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276]، فالصدقة تجارة رابحة لا شكَّ، وعمل صالح يزيد في الأجر والفضل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].
أنواع الرزق:
الرزق نوعان :
1 – رزق مكتوب.
2 – رزق مطلوب.
والرزق المكتوب هو الذي كتبه الله سبحانه وتعالى لابن آدم وهو في بطن أمه سواء كان مسلما أو كافرا كثير أو قليل، ولا يمكن أن يكون به زيادة مهما حاول العبد، أما الرزق المطلوب فهو الذي يسعى المسلم بطلبه لسعة رزقه بما ذكرناه أعلاه وأهمها تقوى الله وصلة الرحم والدعاء.