المقرر في فقه الحنفية أن الصحيح المقيم إذا اضطر للعمل في رمضان وغلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم مأمون أن صومه يفضي إلى هلاكه أو إصابته بمرض في جسمه، أو يؤدي إلى ضعفه عن أداء عمله الذي لا بد له منه لكسب نفقته ونفقة عياله فإنه في هذه الحالة يباح له الفطر أخذا بما استظهره ابن عابدين من إباحة الفطر للمحترف الذي ليس عنده ما يكفيه وعياله.
وما نص عليه الفقهاء من إباحة الفطر للخباز ونحوه من أرباب الحرف الشاقة، والواجب على هؤلاء العمال إذا أفطروا مع هذه الضرورة أن يقضوا ما أفطروه من رمضان في أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عندهم، فإن لازمتهم هذه الضرورة إلى أن ماتوا لم يلزمهم القضاء ولم يجب عليهم الإيصاء بالفدية.
ومن اعتقد أو غلب على ظنه أنه لن يزول عنه العذر في يوم من الأيام فإنه في هذه الحالة يأخذ حكم الشيخ الفاني وتجب عليه الفدية، وهي أن يطعم فقيرا عن كل يوم يفطره بأن يعطيه نصف صاغ من بر أو صاع من شعير أو تمر أو قيمة ذلك عند الحنفية، ويقوم بالإطعام أو إخراج القيمة بنفسه أو ينيب عنه من يقوم بذلك، فإذا زال عنه العذر بأن عاد إلى العمل في جو يمكنه فيه الصيام وجب عليه شرعا أن يقضي ما أفطره.