لا حرج أن يتصرف الإنسان في ماله بالهبة أو غيرها للورثة أو غيرهم حال حياته وذلك بشرطين:
الأول: أن يكون الواهب حال التصرف صحيح العقل والبدن مختارا.
الثاني: ألا يقصد بفعله هذا الإضرار بالورثة.
يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
لو كتب زوج شقة يملكها لزوجته رغبة منه في حمايتها من مضايقة بقية الورثة يدخل في باب العطايا والهبات في حال الحياة، وهذا يدخل في نطاق الجواز شرعا بشرطين:
الشرط الأول: أن يكتب الرجل ذلك وهو صحيح العقل والبدن مختارا دون ضغط أو إكراه عليه من أحد.
الشرط الثاني: ألا يقصد بذلك حرمان بقية الورثة أو الإجحاف بهم. ويظهر هذا القصد بأن تكون الشقة تمثل كل تركته أو معظمها، فإذا فعل ذلك حرم الورثة الشرعيين من حقهم في تركته بعد حياته، وأعطى نصيبهم لمن لا يستحقه، ويعتبر هذا العمل منه مبادرة لعدم تطبيق شريعة الله تعالى في الميراث الذي تولى فيها المولى جل شأنه تقسيم المواريث بنفسه حيث أعطى كل ذي حق حقه، ولم يترك ذلك لأحد من خلقه.
بل توعد سبحانه المخالفين لهذه الشريعة، المعاندين لتقسيمه العادل فيها، بالعذاب الأليم والنكال الشديد يوم القيامة؛ لأن الواقع: أن المال مال الله قد استخلف الناس فيه ليكون نفعا لهم في هذه الدنيا، وقواما لحياتهم فيها، فلا يحق لهم أن يتصرفوا بما يخالف أحكامه التي شرعها فيه قال تعالى بعد أن بين وجوب الالتزام بالتقسيم الشرعي الوارد في القرآن الكريم : ( وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) النساء :14.
وقد وهب أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ابنته عائشة ـ رضي الله عنها ـ جذاذ عدد من النخيل دون إخوتها، وأعطى عمر ـ رضي الله عنه ـ ابنه عاصما بعضا من ماله دون إخوته، والصحابيان الجليلان من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أوصى رسول الله ـ ﷺ ـ بالاقتداء بهم والعمل بسنتهم، فقال ـ عليه الصلاة والسلام: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ.