يقول العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله تعالى – :ـ
السؤال نوعان …
-نوع تسأله لتعلم ..
-ونوع تسأله ليكون المسئول شاهدًا على نفسه .
فالتلميذ حين يسأل أستاذه .. يسأله ليعلم ؛ليعرف العلم ؛ ولكن حين يسأل الأستاذ تلميذه ؛ هل يسأله ليتعلم أو ليعلم ؛لا .. فالأستاذ يعرف أضعاف أضعاف تلميذه ؛ ولكنه يسأله ليكون التلميذ شهيدًا على نفسه لا يستطيع أن يجادل أو يقول : لقد ذاكرت وهو لم يقرأ حرفا .
الأسئلة في الامتحانات مثلا لا تقوم وزارات التعليم بوضعها لأنها تجهل ما يعرفه الطلبة ؛فتريد أن تستزيد منهم علما ؛ ولكن ليكون الطالب شاهدا على نفسه فلا يستطيع أن يجادل فورقة الإجابة موجودة وهي شاهد على درجة الطالب ؛إن كان ممتازا أو ضعيفا ،أو لا يعرف شيئا على الإطلاق .
فالآية الكريمة : (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ) تنفي السؤال للمعرفة ؛ والله أعلم بذنوبهم ؛ فالله سبحانه وتعالى يعلم وبالتالي فهو غير محتاج لأن يسأل للعلم وغير محتاج لأن يعرف منهم ؛ لأنه أعلم منهم ؛ ومن هنا لا سؤال لأن السائل أعلم من المسئول ؛ فلا يكون السؤال للعلم . ولذلك يقول الله : (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ) .
أما في الآية الثانية : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) .. أي أنكم ستسألون لتقرروا الحقيقة والواقع في الحساب ؛ لا لتقولوا شيئا لا يعلمه الله ؛ لتكونوا شهداء على أنفسكم ؛ وهذا ما تفسره الآيات التي قبلهاوالتي بعدها .
فإذن أين هو التعارض وأي تناقض هذا الذي زعمه المستشرقون في القرآن ؛ فالله سبحانه وتعالى يتحدث عن الكافرين والمكذبين لذلك تقول السورة : ( وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ؛ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ؛ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) السؤال هنا ليس للعلم ؛ ولكن إنهم مسئولون ليكونوا شهداء على أنفسهم ؛ هذا الذي كنتم به تكذبون ؛ هذا ما عبدتم من دون الله ؛والآن جاء وقت الحساب لتكونوا شهداء على أنفسكم يوم القيامة ؛ أين ما كنتم تعبدون من دون الله ؛ يسألهم الله تعالى عما كانوا يعبدون من دون الله ؛ ثم يقول الله سبحانه وتعالى : ( مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ) لماذا لا ينصركم أحد ؛ لماذا لا تنصركم ألهتكم ؟ السؤال هنا ليس للعلم ولكن ليكونوا شهداء على أنفسهم .
فلا تعارض ولا تناقض .