مذهب جمهور الفقهاء -غير الحنفية والظاهرية- عدم وجوب الزكاة في الحلي المتخذة من الذهب والفضة، وإن بلغت النصاب؛ استدلالاً بما روي عن النبي ﷺ أنه قال: “ليس في الحلي زكاة” وهو حديث صحيح، كما استدلوا أيضًا بآثار كثيرة مروية عن عائشة وأسماء وعبد الله بن عمر وغيرهم من فقهاء الصحابة، رضي الله عنهم، أنهم كانوا لا يُخرجون عن الحلي زكاة.
إلا أن الحنفية والظاهرية قالوا بوجوب الزكاة في حلي النساء؛ استدلالاً بما روي عن النبي ﷺ أنه دخلت عليه امرأة وفي يد ابنتها مسكتان (سواران) غليظتان من ذهب، فقال لها: أتؤدين زكاة هذين فقالت: لا، فقال لها: أيسرك أن يسوّرك الله بهما سوارين من نار يوم القيامة، فقالت: لا، فخلعتهما من يد ابنتها وأعطتهما لرسول الله ﷺ، وقالت: هما لله ولرسوله.
وروي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها اتخذت أوضاحًا (خلاخل) من ذهب، فسألت رسول الله ﷺ: أكنز هو؟ (تقصد بالكنز ما ورد في قول الحق سبحانه: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] فقال لها رسول الله ﷺ: ما بلغ أن يؤدى زكاته فزُكي فليس بكنز، وأحاديث أخرى كثيرة وردت توجب الزكاة في حلي المرأة إذا بلغت النصاب في الذهب والفضة.
والذي تركن النفس إليه من مذاهب الفقهاء هو إيجاب الزكاة في الحلي إذا كانت فاحشة بحسب عرف المجتمع الذي تتحلى فيه المرأة بهذه الحلي.
أما إذا كانت هذه الحلي يسيرة، وكانت لا تفضل عن حاجة المرأة في التحلي غالبًا في أحوالها العادية، فإنه لا تجب عليها الزكاة فيها، إلا أنه لا بد لها في جميع الأحوال أن تستعملها في التحلي لزوجها، وذلك لأن هذا هو المقصود من اقتنائها أو اتخاذها.