عرض هذا الموضوع على المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته  السابعة عشرة المنعقدة بمدينة سراييفو بدولة البوسنة والهرسك في الفترة من: 28 ربيع الآخر – 2 جمادى الأولى 1428هـ الموافق لـ 15-19 أيار (مايو) 2007م، فأجاب بالتالي :

هذه المعالجة جائزة ولو جرى فيها كشف بعض العورة، وذلك بسبب الحاجة، والأصل وجوب توقي كشف العورة ما أمكن، وهذا بناء على قول جمهور العلماء أن عورة المرأة مع المرأة فيما بين السرة إلى الركبة.

وعلى قول آخرين من العلماء أن عورتها مع المرأة السوأتان، فهذا يجعل مثل هذه المعالجة جائزة دون حرج ما دامت السوءتان مستورتين. ولا بأس أن تقوم بهذه المعالجة ممرضة غير مسلمة، فالراجح أن عورة المسلمة مع غير المسلمة كعورتها مع المسلمة.

الضوابط والقواعد في النظر للعلاج:

1 – عورة الرجل ما بين السرّة والركبة لقوله : ( ما بين السُّرَّة والركبة عورة ) حديث حسن رواه أحمد وأبو داود والدار قطني . وهذا قول جمهور أهل العلم .

2 – المرأة كلها عورة أمام الأجنبي لقوله تعالى : ( وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ) ولقوله : ( المرأة عورة ) رواه الترمذي بسند صحيح وهذا القول هو الصحيح من المذهب عند الحنابلة وإحدى الروايتين عند المالكية وأحد القولين عند الشافعية .

3 – تَعمّد النظر إلى العورات من المحرمات الشديدة ويجب غضّ البصر عنها لقوله تعالى :  (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .. ) الآية  وقال النبي : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة .. ) رواه مسلم وقال لعلي رضي الله عنه : ( لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميّت ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح

4 – كلّ ما لا يجوز النّظر إليه من العورات لا يحلّ مسّه ولو من وراء حائل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( إني لا أصافح النساء ) رواه مالك وأحمد وهو حديث صحيح .

5 – العورات أنواع ودرجات فمنها العورة المغلّظة ( السوأتان : القُبُل والدُّبُر ) والعورة المخففة كفخذي الرّجل أمام الرّجل.

6 – الضرورات تبيح المحظورات ، ولا خلاف بين العلماء في جواز نظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن الضوابط الشرعية ، وكذلك القول في نظر الطبيب إلى عورة الرجل المريض ، فيباح له النظر إلى موضع العلّة بقدر الحاجة ، والمرأة الطبيبة في الحكم كالطبيب الرجل . وهذا الحكم مبني على ترجيح مصلحة حفظ النفس على مصلحة ستر العورة عند التعارض .

الضوابط الشرعية في كشف العورة من أجل التداوي:

الضرورة تُقدَّر بقدرها ” : فإذا جاز النظر والكشف واللمس وغيرها من دواعي العلاج لدفع الضرورة والحاجة القويّة فإنه لا يجوز بحال من الأحوال التعدّي وترك مراعاة الضوابط الشرعية ومن هذه الضوابط ما يلي :

1ـ يقدّم في علاج الرجال الرجال وفي علاج النساء النساء.

2 -عند الكشف على المريضة تُقدّم الطبيبة المسلمة صاحبة الكفاية ثمّ الطبيبة الكافرة ثمّ الطبيب المسلم ثمّ الطبيب الكافر.

3 – إذا كانت تكفي الطبيبة العامة فلا يكشف الطبيب ولو كان مختصا.

4 -إذا احتيج إلى مختصة من النساء فلم توجد جاز الكشف عند الطبيب المختص ، وإذا كانت المختصة لا تكفي للعلاج وكانت الحالة تستدعي تدخّل الطبيب الحاذق الماهر الخبير جاز ذلك.

5 -عند وجود طبيب مختص يتفوّق على الطبيبة في المهارة والخبرة فلا يُلجأ إليه إلا إذا كانت الحالة تستلزم القدر الزائد من الخبرة والمهارة .

6 – يُشترط في معالجة المرأة للرجل أن لايكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بالمعالجة .

7 – لا يجوز تجاوز الموضع اللازم للكشف ، ويجتهد الطبيب في غضّ بصره ما أمكن ، وعليه أن يشعر أنه يفعل شيئا هو في الأصل محرّم وأن يستغفر الله عما يمكن أن يكون حصل من التجاوز .

8 – إذا كان وصف المرض كافيا فلا يجوز الكشف وإذا أمكن معاينة موضع المرض بالنظر فقط فلا يجوز اللمس وإذا كان يكفي اللمس بحائل فلا يجوز اللمس بغير حائل وهكذا .

9 – يُشترط لمعالجة الطبيب المرأة أن لا يكون ذلك بخلوة فلا بدّ أن يكون مع المرأة زوجها أو محرمها أو امرأة أخرى من الثقات .

10 – أن يكون الطبيب أمينا غير متهم في خلقه ودينه ويكفي في ذلك حمل الناس على ظاهرهم .

11 – كلما غَلُظت العورة كان التشديد . ولذلك لا بدّ من التشديد البالغ في مثل حالات التوليد وختان الإناث اليافعات .

12- أن تكون الحاجة إلى العلاج ماسة كمرض أو وجع لا يُحتمل أو هُزال يُخشى منه ونحو ذلك أما إذا لم يكن مرض أو ضرورة فلا يجوز الكشف عن العورات كما في حالات التوهّم والأمور التحسينية .