يجب على المسلم أن يقي نفسه وأهله من نار جهنم من خلال الكسب الحلال والابتعاد عن كسب الحرام قال تعالى في كتابه العزيز :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وليعلم المسلم أن الكسب الحرام سبب لدخول النار إذا لم يتب صاحبه قبل الموت روى الترمذي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله ﷺ : “إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ”
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالكسب الحلال فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا﴾.
النفقة على الزوجة والأبناء من الحرام
لا حرج على الزوجة والأبناء فيما ينفق عليهم، وإنما الاثم والحرام على من اكتسبه دون غيره ، ومن هنا نعلم سبب قبول النبي ﷺ دعوة اليهود ، وأكله من طعامهم ، مع كونهم يكسبون المال بطرق محرمة .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – :
أبي – غفر الله له – يعمل في بنك ربوي ، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله ؟ غير أن لنا دخلا آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل ، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة ، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي ؟ .
فأجاب :
خذوا النفقة من أبيكم ، لكم الهناء ، وعليه العناء ؛ لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق ؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال ، فأنتم تأخذونه بحق ، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم ، فلا يهمكم ، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود ، وأكل طعام اليهود ، واشترى من اليهود ، مع أن اليهود معروفون بالربا ، وأكل السحت ، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح ، فإذا ملك بطريق مباح : فلا بأس ، انظر مثلا ” بريرة ” مولاة عائشة رضي الله عنهما ، تصدق بلحم عليها ، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوما إلى بيته ووجد البرمة – القدر – على النار ، فدعا بطعام ، ولم يؤت بلحم ، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم ، فقال : ( ألم أر البرمة على النار ؟ ) قالوا : بلى يا رسول الله ، ولكنه لحم تصدق به على ” بريرة ” – والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة – ، فقال : ( هو لها صدقة ولنا هدية ) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة ؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية .
حكم المال المورث من حرام أو مختلط
سئل شيخ الإسلام رحمه الله – عن مراب خلف مالا وولدا وهو يعلم بحاله ، فهل يكون حلالا للولد بالميراث أو لا ؟ – :
فقال أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا : فيخرجه ، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن ، وإلا يتصدق به ، والباقي : لا يحرم عليه .
لكن القدر المشتبه : يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء دين أو نفقة عيال ، وإن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء : جاز للوارث الانتفاع به ، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما : جعل ذلك نصفين .