جاء في فتاوى اللجنة الدائمة السعودية للإفتاء ما يلي :

قد بين الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه محمد ، ألفاظ الأذان والإقامة ، وقد رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في النوم الأذان فعرضه على النبي ، ، فقال له النبي ، ، ( إنها رؤيا حق )، وأمره أن يلقيه على بلال لكونه أندى صوتا منه ليؤذن به ، فكان بلال يؤذن بذلك بين يدي رسول الله ، ،حتى توفاه الله عز وجل .

وهكذا عبد الله بن أم مكتوم كان يؤذن للنبي في بعض الأوقات ولم يكن في أذانه شيء من هذه الألفاظ، وأحاديث أذان بلال بين يدي رسول الله ، ، ثابتة في الصحيحين وغيرهما من كتب أهل السنة ، وهكذا أذان أبي محذورة بمكة ليس فيه شيء من هذه الألفاظ ، وقد علمه النبي ، ، وألفاظ أذانه ثابتة في صحيح مسلم وغيره من كتب أهل السنة .

وبذلك يعلم أن ذكر ألفاظ في الأذان غير ما جاءت به السنة بدعة يجب تركها لقول النبي ،(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه، وفي رواية أخرى ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) خرجه مسلم في صحيحه .وثبت عنه ، ، أنه كان يقول في خطبة الجمعة ( أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) .

وقد درج خلفاؤه الراشدون ومنهم على رضي الله عنه وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على ما درج عليه رسول الله ، ، في صفة الأذان ولم يحدثوا ألفاظ جديدة .

وقد أقام علي ، رضي الله عنه في الكوفة ، ـ وهو أمير المؤمنين ـ قريبا من خمس سنين وكان يؤذن بين يديه بأذان بلال رضي الله عنه .

ولو كانت الألفاظ المستحدثة موجودة في الأذان لم يخف عليه ذلك ؛ لكونه رضي الله عنه من أعلم الصحابة بسنة رسول الله ، ، وسيرته ، وأما ما يرويه بعض الناس عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول في الأذان ( حي على خير العمل ) فلا أساس له من الصحة .

وأما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه وعن أبيه أنهما كانا يقولان في الأذان ( حي على خير العمل ) فهذا في صحته عنهما نظر ، وإن صححه بعض أهل العلم عنهما لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما ؛ لأن مثلهما لا يخفى عليه أذان بلال ولا أذان أبي محذورة ، وابن عمر رضي الله عنهما قد سمع ذلك وحضره ، وعلي بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالف سنة رسول الله لمعلومة المستفيضة في الأذان ، ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما ، ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقوال غيرهما ، لأن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله العزيز على جميع الناس كما قال الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ).

وقد رددنا هذا اللفظ المنقول عنهما وهو عبارة ( حي على خير العمل ) في الأذان إلى السنة فلم نجدها فيما صح عن رسول الله ، ، من ألفاظ الأذان .

وأما قول علي بن الحسين رضي الله عنه فيما يروى عنه أنها في الأذان الأول فهذا يحتمل أنه أراد به الأذان بين يدي الرسول ، ، أول ما شرع ، فإن كان أراد ذلك فقد نسخ بما استقر عليه الأمر في حياة النبي ، ، وبعدها من ألفاظ أذان بلال وابن أم مكتوم وأبي محذورة.

ثم قال : إن القول بأن هذه الجملة موجودة في الأذان الأول إذا حملناه على الأذان بين يدي رسول الله ، ، غير مسلم به ،لأن ألفاظ الأذان من حين شرع محفوظة في الأحاديث الصحيحة وليس فيها هذه الجملة ، فعلم بطلانها وأنها بدعة .

ثم يقال أيضا : علي بن الحسين رضي الله عنه من جملة التابعين ، فخبره هذا لو صرح فيه بالرفع فهو في حكم المرسل ، والمرسل ليس بحجة عند جماهير أهل العلم كما نقل ذلك عنهم الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد ، هذا لو لم يوجد في السنة الصحيحة ما يخالفه ، فكيف وقد وجد في الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة الأذان ما يدل على بطلان هذا المرسل وعدم اعتباره .