ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما حديث يفيد أن من أكل العجوة صباحا في البكور لا يضره سم ولا سحر في يومه ‏.
فقد روى البخاري عن عامر بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال: ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : (‏ ‏من ‏ ‏اصطبح ـ وفي رواية : تصبح ـ‏ ‏كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل ) وفي رواية: ( سبع تمرات). ورواه مسلم أيضا في صحيحه ، فهو حديث متفق عليه. ‏
و: التصبح والاصطباح بمعنى التناول صباحا ، أي بين الفجر وطلوع الشمس .

وفي رواية للبخاري تحديد هذه العجوة بعجوة المدينة : ( من تصبح بسبع تمرات عجوة من تمر العالية ) ، والعالية القرى التي في الجهة العالية من المدينة وهي جهة نجد , ولهذه الزيادة شاهد عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ : ( في عجوة العالية شفاء في أول البكرة ) أي أول النهار .

وفي رواية لمسلم أيضا عن عامر بن سعد بلفظ : ( من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح ) والمقصود : طرفي المدينة.

وقد وقع مقيدا بالأكل سبعة أياما صباحا فيما أخرجه الطبري عن عائشة رضي الله عنها أنها : ( كانت تأمر بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات ).

وقد أخرج النسائي من حديث جابر رفعه ” العجوة من الجنة , وهي شفاء من السم ” .

وأما قوله : ( إلى الليل ) فمفهومه أن السر الذي في العجوة من دفع ضرر السحر والسم يرتفع إذا دخل الليل في حق من تناوله من أول النهار , ويستفاد منه إطلاق اليوم على ما بين طلوع الفجر أو الشمس إلى غروب الشمس , ولا يستلزم دخول الليل .

يقول الإمام ابن حجر : ولم أقف في شيء من الطرق على حكم من تناول ذلك في أول الليل هل يكون كمن تناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السم والسحر إلى الصباح , والذي يظهر خصوصية ذلك بالتناول أول النهار لأنه حينئذ يكون الغالب أن تناوله يقع على الريق , فيحتمل أن يلحق به من تناول الليل على الريق كالصائم , وظاهر الإطلاق أيضا المواظبة على ذلك . (انتهى ، من فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، مختصرا) .

يقول الدكتور حسان شمسي باشا ، عن فوائد الإفطار على تمر :
التمر فاكهة مباركة أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبدأ بها فطورنا في رمضان ، فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ، فإنه بركة ، فإن لم يجد تمرا فالماء ، فإنه طهور ) رواه أبو داود والترمذي .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتميرات ، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من الماء ” رواه أبو داود والترمذي .
ولا شك أن وراء هذه السنة النبوية المطهرة إرشاد طبي وفوائد صحية ، وحكما نظيمة . فقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة ، وليس فقط لتوافرها في بيئته الصحراوية .

فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة ، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله ، وخصوصا المعدة التي تريد التلطف بها ، ومحاولة إيقاظها باللين . والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع ، يدفع عنه الجوع ، مثلما يكون في حاجة إلى الماء .
وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية ، وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات الأحادية أو الثنائية ( الجلوكوز أو السكروز ) لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة . ولا سيما إذا كانت المعدة والأمعاء خالية كما هي عليه الحال في الصائم .

ولو بحثنا عن أفضل ما يحقق هذين الهدفين معا ( القضاء على الجوع والعطش ) فلن نجد أفضل من السنة المطهرة ، حينما تحث الصائمين على أن يفتتحوا إفطارهم بمادة سكرية حلوى غنية بالماء مثل الرطب ، أو منقوع التمر في الماء .

وقد أظهرت التحاليل الكيميائية والبيولوجية أن الجزء المأكول من التمر يساوي 85 – 87 % من وزنه . وأنه يحتوي على 20 – 24 % ماء ، 70 – 75 % سكريات ، 2 – 3 % بروتين ، 8,5 % ألياف ، وأثر زهيد جدا من المواد الدهنية .
كما أثبتت التحاليل أيضا أن الرطب يحتوي على 65 – 70 % ماء ، وذلك من وزنه الصافي ،
24 – 58 % مواد سكرية ، 2,1 – 2 % بروتين ، 5,2 % ألياف ، وأثر زهيد من المواد الدهنية .
وكان من أهم نتائج التجارب الكيميائية والفسيولوجية – كما يذكر الدكتور أحمد عبد الرؤوف هشام ، والدكتور علي أحمد الشحات – النتائج التالية :

1.إن تناول الرطب أو التمر عند بدء الإفطار يزود الجسم بنسبة كبيرة من المواد السكرية فتزول أعراض نقص السكر ويتنشط الجسم

2.إن خلو المعدة والأمعاء من الطعام يجعلهما قادرين على امتصاص هذه المواد السكرية البسيطة بسرعة كبيرة .

3.إن احتواء التمر والرطب على المواد السكرية في صورة كيميائية بسيطة يجعل عملية هضمها سهلا جدا ، فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة كيميائية بسيطة ، وهكذا يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز .

4.إن وجود التمر منقوعا بالماء ، واحتواء الرطب على نسبة مرتفعة من الماء ( 65 – 70 % ) يزود الجسم بنسبة لا بأس بها من الماء ، فلا يحتاج لشرب كمية كبيرة من الماء عند الإفطار(انتهى).