حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة. إن إطعام الجائعين ومعالجة المرضى وإغاثة الملهوفين وإيواء المشردين …. هذه كلها فرائض إسلامية، فهي مقدمة على نافلة الحج. وقد قرَّر علماؤنا أن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وقالوا: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور. ولهذا.. ننصح كل مسلم يريد أن يحج تطوعًا الحجة الثانية أو السابعة أو العاشرة أو العشرين أو أكثر من ذلك أو أقل من حج التطوع .. ننصحه أن يدفع المبالغ التي رصدها للحج في هذه المصارف المذكورة أداء للواجب ومعونة لإخوانه المسلمين، ومساعدة أيضا في تيسير الحج على الآخرين، وتخفيف الزحام على الآخرين، وإنما لكل امرئ ما نوى. يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت: مادام الحج إلى نافلة، فالأفضل أن ينظر في أولويات الحاجات والضروريات، فإن كان قادراً على الحج والإنفاق، فالجمع بين الأمرين هو الأفضل، وإن لم يكن فالإنفاق أولى إذا كان فيه قضاء دين مضطر حل دينه أو فقير يوسع على عياله وما إلى ذلك، وله في ذلك الأجر العظيم عند الله تعالى وهو حسب نيته، وإنما الأعمال بالنيات. ويروى في ذلك ما قاله أبو النصر التمار: أن رجلاً جاء يودع بشر بن الحارث وقال: قد عزمت على الحج فتأمرني بشيء؟ فقال له: كم أعددت للنفقة؟ فقال: ألفي درهم، قال بشر: فأي شيء تبتغي بحجك تزهداً أو اشتياقاً إلى البيت، أو ابتغاء مرضاة الله تعالى؟ قال: ابتغاء مرضاة الله، قال: فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك وتنفق ألفي درهم، وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى، أتفعل ذلك؟ قال: نعم: قال: اذهب فأعطها عشر أنفس: مديوناً يقضي دينه، وفقيراً يرم شعثه، ومعيلاً يغني عياله، ومربياً يتيماً يفرحه، وإن قوي قلبك تعطيها واحداً فافعل، فإن إدخالك السرور على قلب المسلم، وإغاثة اللهفان وكشف الضر، وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام، قم فأخرجها كما أمرناك (إحياء علوم الدين للإمام الغزالي).أ.هـ