من التشريعات التي سبق بها الإسلام الطب الحديث الاحتراس من العدوى ، فوجه انتباه الناس إلى العدوى وأمرهم باتقاء أخطارها في وقت كان الناس فيه يعتبرون العدوى خرافة باطلة ووهما لاغيا.

ففي البخاري أن النبي قال:فر من المجذوم كما تفر من الأسد.

وفي الصحيحين أن النبي قال :(إذا سمعتم بالوباء بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه).

فهذا النصح النبوي بعدم الخروج من أرض الوباء وعدم دخولها هو العمل الوقائي الذي يتبعه الطب اليوم لحصر الوباء في مكانه الذي يظهر فيه ومنعه من الانتشار بطريق العدوى، وفي الصحيحين كذلك أن النبي قال : “لا يورد ممرض على مصح” الممرض: صاحب الإبل المريضة، والمصح: صاحب الإبل المصحة ـ وفي صحيح مسلم أن مجذوما جاء في وفد ثقيف فأرسل إليه النبي :أنا قد بايعناك فارجع.

أما الأحاديث الواردة بنفي العدوى فقد تكلم عنها الناس كلاما مختلفا وأولوها تأويلات متعددة لا تخلو من ضعف ، وأحسن ما قيل فيها هو ما نقله ابن القيم في كتابه :الطب النبوي حيث قال:وقالت فرق أخرى بل بعضها محفوظ وبعضها غير محفوظ ـ يعني أحاديث العدوى ـ وتكلموا في حديث:لا عدوى وقالوا قد كان أبو هريرة يرويه أولا ثم شك فيه فتركه، وراجعوه فيه وقالوا له سمعناك تحدث فأبى أن يحدث به، وأما حديث جابر أن النبي أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة فحديث لا يثبت ولا يصح، وغاية ما قال فيه الترمذي أنه غريب لم يصححه ولم يحسنه، وقد قال شعبة وغيره:اتقوا هذه الغرائب، قال الترمذي:ويروى هذا من فعل عمر، وهو أثبت، فهذا شأن هذين الحديثين اللذين عورض بهما أحاديث النهي، أحدهما رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره والثاني لا يصح عن رسول الله . أ.هـ