يقول الشيخ مصطفى بن حمزة ـ أستاذ التعليم العالي لمادة مقاصد الشريعة بجامعة محمد الأول بوجدة ـ المغرب :
معلوم أن الشريعة الاسلامية تقصد إلى بناء مجتمع متماسك متراحم ولذلك فقد دعت إلى كل ما يحقق ذلك التماسك وشجعت عليه، كما أنها منعت كل الافات الاجتماعية التي تؤدي إلى الخصومات وإلى التفكك المجتمعي والغيبة عامل كبير من عوامل زرع الكراهية في المجتمعات ، ومثلها النميمة التي تختلف عنها لأنها تقوم على نقل الاخبار غير الحسنة عن شخص إلى شخص آخر، وفي جميع الحالات فإن المغتاب والنمام آثمان .
وفعلهما محرم بنص كتاب الله تعالى ومن ذلك قوله:” ولا يغتب بعضكم بعضا”. على أن هنالك حالات لم يعتبرها الشرع غيبة لأنها لا تقوم على أساس الشر وإنما تستند إلى رغبة الإصلاح ومن ذلك التظلم ، فمن تظلم لدى قاض مثلا وذكر ما يجب ذكره عن خصمه لم يكن مغتابا لأنه بغير ذلك لا يتوصل إلى حقه، ومن ذلك حالة الإستشارة فمن استشير في سلوك شخص ما معين يريد المستشير أن يرتبط به على سبيل الزواج أو الشركة التجارية فإنه على المستشار أن يذكر ما يعرفه عنه من غير زيادة ولا إضافة.
ومن ذلك حالة استفتاء الشرع فيجوز أن يقول المستفتي للمفتي إن فلانا فعل معي كذا وكذا فماذا يجب أن أفعل، وكذلك يجوز هذا النوع من الكلام حينما يكون مقترف الشر مجاهر به فيكون الحديث عنه مدعاة إلى رده عما هو فيه من شر ، ففي هذه الحالات لايتعبر ذلك الحديث غيبةوفيما سوى ذلك فإن على الانسان أن يكف عن الحديث عن الناس بما يكرهون لأن ذلك الحديث قد يصير عادة سيئة وسلوكا شائنا غالبا ما ينتشر في المجتمعات التي تنحط فيها الاخلاق ويتدنى فيها الوعي الاجتماعي. وقد اختلف في كيفية التحلل من ذلك إذ وقع ، فقال البعض بوجوب التحلل من من اغتابه ورء بعض العلماء أن ذلك عسير وقد يكون سببا لإحياء الشر من جديد وجب على المغتاب أن يتوب مما فعل وأن يستغفر الله مما فعل ويتصدق على من اغتابه مهديا ثواب ذلك إلى من اغتابه.