إن “الريح” تستعمل في القرآن مفردة للعذاب غالبا، وأما “الرياح” فتستعمل للرحمة.
وذلك لأن الريح تكون من جانب واحد فتدفع، وإذا اشتدت أهلكت، وأما الرياح فتكون من عدة جوانب فتكون لينة وتحدث توازنا، واستعملت مفردة في الحديث عن السفن مع أنها نعمة ؛ لأن السفن تحتاج أن تدفعها الريح من جانب واحد لتسيرها، ولو أتتها رياح من جهات مختلفة لما سارت في البحر، ولذلك وصفها الله تعالى بأنها ” طيبة ” نفيا لكونها للعذاب.
يقول الشيخ سلمان بن فهد العودة:
الذي يظهر لي أن لفظ (الريح) مفرداً يأتي للرحمة وللعذاب، كما في قوله تعالى (وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف) الآية وقوله عليه السلام: (نصرت بالصَّبا، وأهلكت عاد بالدَّبور..” أما الرياح بالجمع فلا تأتي إلا للرحمة، وحديث “اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً” ضعيف.
أما السرّ في ذلك –والله أعلم- فلعل إفراد الريح يدل على شدتها وقوتها وتدميرها، أما الجمع فيدل على تعددها وتنوعها ولينها ورخائها…
وإلى هذا المعنى أشار القرطبي في تفسيره فقال “فمن وحّد الريح فلأنه اسم للجنس يدل على القليل والكثير، ومن جمع فلاختلاف الجهات التي تهب منها الرياح. ومن جمع مع الرحمة ووحد مع العذاب فإنه فعل ذلك اعتبارا بالأغلب في القرآن نحو (الرياح مبشرات) و(الريح العقيم) فجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب، إلا في يونس في قوله (وجرين بهم بريح طيبة) وذلك لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جزء واحد، وريح الرحمة لينة متقطعة فلذلك هي رياح. فأفردت مع الفلك في يونس لأن ريح إجراء السفن إنما هي ريح واحدة متصلة ثم وصفت بالطيب فزال الاشتراك بينهما.
وعند أبي داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: “الريح من روح الله” قال سلمة: فروح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإن رأيتموها فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها.