الآية الكريمة المذكورة على ظاهرها ، والويل إشارة إلى شدة العذاب ، والله سبحانه يتوعد المصلين الموصوفين بهذه الصفات التي ذكرها عز وجل وهي قوله : “الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ”
السهو عن الصلاة : هو الغفلة عنها والتهاون بشأنها ، وليس المراد تركها؛ أما التساهل عنها : فهو التهاون ببعض ما أوجب الله فيها كالتأخر عن أدائها في الجماعة في أصح قولي العلماء ، وهذا فيه الوعيد المذكور .
أما إن تركها عمدًا فإنه يكون كافرًا كفرًا أكبر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) خرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن بإسناد صحيح ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، فهذان الحديثان وما جاء بمعناهما حجة قائمة وبرهان ساطع على كفر تارك الصلاة .

أما السهو فيها فليس هو المراد في هذه الآية ، وليس فيه الوعيد المذكور؛ لأنه ليس في مقدور الإنسان السلامة منه ، وقد سها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة غير مرة ، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ، وهكذا غيره من الناس يقع منه السهو من باب أولى ، ومن السهو عنها الرياء فيها كفعل المنافقين .

فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده ، يريد وجهه الكريم ، ويريد الثواب عنده سبحانه وتعالى؛ لعلمه بأن الله فرض عليه الصلوات الخمس فيؤديها؛ إخلاصا لله ، وتعظيما له ، وطلبا لمرضاته عز وجل ، وحذرا من عقابه .

ومن صفات المصلين الموعودين بالويل : أنهم يمنعون الماعون ، والماعون ، فسر بـ : بالزكاة ، وأنهم يمنعون الزكاة؛ لأن الزكاة قرينة الصلاة.