الإنسان مخير في صلاة الليل بين الجهر والإسرار، لحديث عائشة رضي الله عنها، أنها سُئِلتْ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته من الليل إذا قرأ؟ قالت: نعم، ربما رفع، وربما خفض. رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.

لذا قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر بها تارة.

لكن لا يشرع له الجهر إذا كان فيه أذىً لغيره من مصلٍّ أو قارئٍ؛ لما رواه مالك في الموطأ وغيره عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.

وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذينَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة – أو قال – في الصلاة. قال ابن عبد البر في التمهيد: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.

والمشروع في التسبيح والدعاء عند الركوع والسجود أن يكون سراً لا جهراً، ويتأكد ذلك إذا كان الجهر يشوش على المصلين، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ويسبح الله سراً في ركوعه وأقله مرة.

وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: فجميع الأذكار التي يشرع للإمام أن يقولها سراً يشرع للمأموم أن يقولها سراً كالتسبيح في الركوع والسجود وكالتشهد والدعاء.

ولا حرج عليه إن جهر جهراً خفيفاً بالدعاء والتسبيح، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك.