إذا أقيمت الصلاة المكتوبة وهو يصلي النافلة، فقد اختلف العلماء: هل يتمها ،أم يقطعها، وسبب الخلاف أن إدراك تكبيرة الإحرام أفضل من إتمامها إلا أن هذا معارض بقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) .
وأما من استطاع أن يتخفف فيها ويدرك تكبيرة الإحرام فقد جمع بين الحسنيين، لأن النهي عن الصلاة وقت الإقامة ليس مقصودا لذاته حتى يكون مذموما في كل الأحوال، ولكنه مذموم لتفويته تكبيرة الإحرام، فإذا لم تفت تكبيرة الإحرام فلا يكون هناك مجال للذم. ولو قيل إنه يتمها مالم يخش فوات الركوع الأول لكان ذلك وجهه.
وفي حالة قطع الصلاة يجوز قطعها بالسلام ، أو بمجرد الانصراف.
يقول الشيخ العلامة ابن باز – رحمه الله: الحديث : “إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة” على ظاهره رواه مسلم في الصحيح .
ومعناه إذا أقيمت الصلاة أي إذا شرع المؤذن في الإقامة فإن الذي يصلي يقطع صلاة النافلة سواء كانت راتبة أو تحية المسجد يقطعها ويشتغل بالاستعداد للدخول في الفريضة .
وليس له الدخول في الصلاة بعدما أقيمت الصلاة بل يقطع الصلاة التي هو فيها ويمتنع من الدخول في صلاة جديد؛ لأن الفريضة أهم .
هذا هو معنى هذا الحديث الصحيح في أصح قولي العلماء .
وقال بعض أهل العلم يتمها خفيفة ولا يقطعها ويحتجون بقوله سبحانه وتعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تبطلوا أعمالكم).
لكن من قال يقطعها وهو القول الصحيح كما تقدم يجيب عن الآية الكريمة بأنها عامة وهذا خاص والخاص يقدم على العام ولا يخالفه وهذه قاعدة جليلة معروفة عند أهل العلم وأمثلتها كثيرة .
وقيل المراد بالآية المذكورة وهي قوله تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (محمد : 33 ).
وبكل حال فالآية عامة وقطع الصلاة التي هو فيها عند إقامة الصلاة دليلها خاص والخاص يخص العام ولا يخالفه ويقضي عليه وهذا هو الذي نعتقده ونفتي به: أنه إذا كان المصلي في النافلة وأقيمت الصلاة فإنه يقطعها ولا يتمها إلا إذا كان في آخرها قد ركع الركوع الثاني أو في السجود أو في التحيات فإنه يتمها ، لأن أقل الصلاة ركعة ولم يبق إلا أقل منها فإتمامها لا يخالف الحديث المذكور . وهذا هو الأفضل ولا يخالف هذا الحديث الصحيح .انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني من كتب الحنابلة: فأما إن أقيمت الصلاة وهو في النافلة , ولم يخش فوات الجماعة , أتمها , ولم يقطعها ; لقول الله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } . وإن خشي فوات الجماعة , فعلى روايتين ; إحداهما , يتمها ; لذلك . والثانية , يقطعها ; لأن ما يدركه من الجماعة أعظم أجرا وأكثر ثوابا مما يفوته بقطع النافلة , لأن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الرجل وحده سبعا وعشرين درجة .