أوجب الإسلام للمرأة مهرا، وقد يكون المهر معجلا كله، أو مؤجلا كله إن كان بالتراضي، أو يكون بعضه معجلا، وبعضه مؤجلا، ويجب دفع الجزء المؤجل عند حلول أقرب الأجلين، بالموت أو الطلاق.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
إن الله ـ تعالى ـ فرض على الرجل أن يدفع مهرًا للمرأة التي يريد الزواج منها، فلا يخلو عقد الزواج عن الصداق، ومقدار الصداق يكون بالتراضي بين الزوج وولي الزوجة سواء أكان قليلاً أو كثيرًا، لقول الله تعالى: “وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” (النساء : 4).
ولا حد لأقل المهر، فإنه يجوز الاتفاق على كل شيء له قيمة مهما كان قليلاً، وإن اشترط أبو حنيفة ألا يقل المهر عن عشرة دراهم، واشترط الإمام مالك ألا يقل عن ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، ولا حد لأكثر المهر لقول الله تعالى: “وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُبُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ” (النساء: 20)
والمراد بالقنطار هنا المال الكثير.
والصداق قد يكون معجلاً كله، بأن يدفعه الزوج عند عقد الزواج، وقد يكون مؤجلاً كله، بأن يتم الاتفاق على تأجيله إلى موعد محدد فيما بعد عقد الزواج، وقد يكون بعضه معجلاً وبعضه مؤجلاً، كما جرى به العرف في عقود الزواج في مصر، فالمعجل من المهر يدفع عند العقد أو قبله، ويعترف ولي المرأة في مجلس العقد بأنه قد قبضه فعلاً، والمؤجل يحل عند أقرب الأجلين شرعًا، وهو الموت أو الطلاق، فإذا مات الزوج كان للزوجة الحق في أن تأخذ مؤخر صداقها من التركة أولاً باعتباره دينًا في ذمة زوجها، والدين يجب سداده قبل تقسيم التركة لإبراء ذمة المتوفى، وإذا طلق الرجل امرأته، ولم يراجعها وجب عليه أن يدفع لها مؤخر صداقها؛ لأن هذا المؤخر حقها، وقد حل موعد سداده بالطلاق، وللمرأة أن تعفو عن حقها، وتتنازل عنه بطيب نفس منها من غير إكراه لها على ذلك، أو مضايقة تدفعها إلى هذا التنازل، لقول رسول الله ﷺ: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه .