يتصور الوضوء دون نية إذا غسل المرء أعضاء وضوئه قاصدا بذلك التبرد أو النظافة أو تمثيل الوضوء ليعلم الناس كيفيته دون قصد للوضوء، فهذا الوضوء هو الذي اختلف حوله العلماء، فأبطله الجمهور ، وأجازه الأحناف.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-
من فرائض الوضوء: النية، فجمهور الفقهاء (مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والليث وغيرهم) على أنها من الفرائض في الوضوء، لقوله عليه الصلاة والسلام: “إنما الأعمال بالنيات” وهو حديث صحيح متفق عليه، تلقته الأمة كلها بالقبول. ولفظ (إنما) يفيد الحصر، كأنه قال: لا عملَ إلا بنية. ومعناه: لا صحة للعمل إلا بالنية، أو لا قبول للعمل عند الله إلا بالنية.
وقد اتفق العلماء على أن (النية) شرط في (المقاصد)، واختلفوا في (الوسائل). فلا خلاف بينهم في اشتراطها في (الصلاة)، وإن اختلفوا في اشتراطها في (الوضوء) باعتباره وسيلة للعبادة المقصودة والمفروضة من الله، وهي الصلاة.
وهو ما ذهب إليه الحنفية ورد عليه ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) بواحد وخمسين وجها.
والذي يخفف من حدة الخلاف هنا: أن النية لغة وشرعا: هي عقد القلب على الفعل، وهذه لا تفارق أي مسلم يتوضأ للصلاة. فلو سألته: ماذا تفعل؟ لقال: (أتوضأ)، ولم يقل: (أتنظف)! فقوله (أتوضأ) يعني: أنه يقصد التعبد والقربة إلى الله تعالى.
وليست النية إذن: أن تقول: نويت الوضوء، أو نويت رفع الحدث الأصغر، كما يقول بعض الناس. فالتلفظ بالنية في الوضوء ليس له أصل في الشرع، ولم يرد به حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف، وإن أجازه بعض الفقهاء.
ربما غسل بعضهم أعضاءه للنظافة، أو اغتسل للنظافة، ولم يخطر بباله التعبد، ثم بدا له أن يصلي. فهذه هي التي يكون فيها الخلاف، وهي نادرة.