من الأمور المحرمة في المعاشرة الجنسية جماع الزوجة في فترة الحيض والنفاس ، ويقصد بالجماع الإيلاج ، أما عدا الإيلاج من ألوان الاستمتاع كالمباشرة والمفاخذة والمعانقة والاستمناء بيد الزوجة ، أو مباشرة فرج المرأة باليد فهو من ألوان الاستمتاع المباحة . وهو من أساليب الجماع المباحة.لأنه يجوز له أن يتمتع بزوجته بسائر أوجه التمتع إذا اجتنب الدبر واجتنب القبل حال الحيض والنفاس، وهذا من قبيل الاستمتاع المباح .
يقول الشيخ محمد صالح المنجد:
ليس الاستمناء بيد الزوجة حراما بل هو حلال لأنّه من الاستمتاع بالزوجة الذي أباحه الله ولأنّ الله تعالى قال : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) سورة المؤمنون .أهـ

ما هو حكم معاشرة الزوجة وهي حائض

يقول الشيخ يوسف القرضاوي :
روي أن اليهود والمجوس كانوا يبالغون في التباعد عن المرأة حال حيضها، والنصارى كانوا يجامعونهن، ولا يبالون بالحيض، وإن أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجالسوها على الفراش ولم يساكنوها في بيت كفعل اليهود والمجوس.

لهذا توجه بعض المسلمين بالسؤال إلى النبي عما يحل لهم وما يحرم عليهم في مخالطة الحائض فنزلت الآية الكريمة: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) سورة البقرة:222.

وقد فهم أناس من الأعراب أن معنى اعتزالهن في المحيض ألا يساكنوهن فبيّن النبي لهم المراد من الآية وقال: إنما أمرتكم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ولم آمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم، فلما سمع اليهود ذلك قالوا: هذا الرجل يريد ألا يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه.

فلا بأس على المسلم إذاً أن يستمتع بامرأته بعيداً عن موضع الأذى. وبهذا وقف الإسلام -كشأنه دائما- موقفاً وسطاً بين المتطرفين في مباعدة الحائض إلى حد الإخراج من البيت، والمتطرفين في المخالطة إلى حد الاتصال الحسي.

وقد كشف الطب الحديث ما في إفرازات الحيض من مواد سامة تضر بالجسم إذا بقيت فيه، كما كشف سر الأمر باعتزال جماع النساء في الحيض. فإن الأعضاء التناسلية تكون في حالة احتقان، والأعصاب تكون في حالة اضطراب بسبب إفرازات الغدد الداخلية، فالاختلاط الجنسي يضرها، وربما منع نزول الحيض، كما يسبب كثيراً من الاضطراب العصبي.. وقد يكون سبباً في التهاب الأعضاء التناسلية.أهـ

حكم جماع الحائض فترة الحيض

يقول الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
يقول الله سبحانه ( وَيَسْأَلُونَكَ عَن الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذَىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقَرَبُوهُنَّ حَتى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِن حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللهُ إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ( سورة البقرة: 222 ) .
تنهى الآية عن قُربان الحائض حتى تطهُر والطُّهر يكون بالغُسل عند جمهور العلماء، فيَحْرُم الجِمَاع قبله، وقال أبو حنيفة: يجوز الجماع بمجرد انقطاع الدم ولو قبل الغسل إذا كان الانقطاع لأكثر مدة الحيض، فإن انقطع قبل ذلك حُرِّمَ إلا بعد أن تغتسل أو تتيمم أو يمضي عليها وقت صلاة، والقربان يصدق بالجِماع وبغيره، أما الجِماع فهو حرام باتفاق العلماء، ويؤكِّد حُرْمَته ما نصت عليه الآية وما أقرَّه المختصون من الأذى .

هل تعتزل الحائض خلال فترة الحيض

يقول الشيخ عطية صقر ـرئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
أما غير الجِمَاع فقد ورد فيه قول النبي ـ ـ فيما رواه مسلم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يُؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي ـ ـ عن ذلك فأنزل الله هذه الآية وقال ” اصْنَعوا كلَّ شئ إلا النِّكاح ” وكل شيء ما عدا النكاح جائز فيما عدا ما بين السرة والركبة، كالقُبْلَة وغيرها، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي ـ أي تناوله الإناء ـ فيضع فاه على موضع فمي فيشرب، وأتعرَّق العَرْق ـ أي العَظم الذي عليه بقية من لحم ـ وأنا حائض ثم أناوله النبي ـ ـ فيضع فاه على فمي . رواه مسلم.

وتقول أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها: كان رسول الله ـ ـ يضطجع معي وأنا حائض، وبيني وبينه ثوْب، رواه مسلم أيضًا، كما رُوي مثل هذا عن أم سلمة . قال النووي تعليقًا على ذلك: قال العلماء: لا تُكْرَه مضاجعة الحائض ولا قُبْلَتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السُّرة وتحت الرُّكبة، ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات، ولا يُكْرَه غسل رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله، ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع، وسُؤرها ـ بقية شربها ـ وعرقها طاهران، وكل هذا متفق عليه .

حدود الاستمتاع بالحائض

يقول الشيخ عطية صقر ـرئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
أما الاستمتاع بما بين السُّرة والركبة من غير جماع فالآراء فيه مختلفة، فأبو حنيفة ومالك والشافعي يحرمونه، بدليل ما سبق عن ميمونة وأم سلمة من اضطجاع الرسول معها من وجود ثوب حائل، كما روى البخاري عن عائشة قالت: كان رسول الله ـ ـ يأمر فأتزر فيباشرني وأنا حائض .
وروى أحمد وغيره عن عمر أنه سأل الرسول عما يُحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال ” له ما فوق الإزَار ” .
أما أحمد بن حنبل فقد أباح الاستمتاع بما بين السُّرة والرُّكبة، بناء على فهمه من اعتزال النساء في المحيض أنه نهى عن موضع الحَيْض وهو الفرج لا غير، وهو احتمال لا يدل على الحُرْمَة في غيره . مع عموم قوله ” اصنعوا كل شيء إلا النكاح ” وقال بِقَوْل أحمد الثوري وإسحاق، ومِنْ قبلهم عطاء وعكرمة والشعبي، ورأي الجمهور أقوى .

هل تجب كفارة على من وطئ زوجته وهي حائض

هناك رأيان:

-رأي يقول بوجوب كفارة، بناء على حديث رواه أبو داود والنسائي أن النبي ـ ـ قال في ذلك ” يتصدَّق بدينار أو نصف دينار ”

-ورأي لا يقول بذلك، بناء على حديث رواه ابن ماجه ” من أتى كاهنًا فصدقه بما قال، أو أتى امرأة في دُبُرِها، أو أتى حائضًا فقد كفر بما أُنزل على محمد ” . حيث لم يذكر الحديث كفارة، ولأنه وطء نُهي عنه لأجل الأذى فأشبه الوطء في الدُّبر .
وعلى هذا الرأي أبو حنيفة ومالك وأكثر أهل العلم، والشافعي له قولان في ذلك .
وعلى القوْل بوجوب الكفارة هناك روايتان في مقدارها:

-رواية تقول: إنها دينار أو نصف دينار.

-وأخرى تقول: إن كان الدَّم أحمر أو في أوله فدينار وإن كان أصفر أو في آخره فنصف دينار .
ولو كان من فعل ذلك جاهلاً بالحكم أو ناسيًا هل تجب عليه؟ قيل تجب وذلك لعموم الخبر، وقيل لا تجب، لحديث ” رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ” رواه ابن ماجه .
والمرأة المختارة المطاوعة قيل تجب عليها كفارة، وقيل لا تجب لعدم تناول النص لها .