-أباح الإسلام التزين للزوجة ، ليس في ليلة زفافها فحسب، بل على الدوام، مادام لزوجها، لأنه من الحقوق المشتركة بين الزوجين، وإن كانت زينة ليلة الزفاف قد أخذت شكلا مميزا كما هو واقع الناس وأعرافهم ، فإن هذا لا يبيح للمرأة تغيير الأحكام الشرعية ، وخاصة أنه ليس في التزام الأحكام الشرعية مشقة ولا مضرة عليها في ذلك.

فلا يجوز للمرأة أن تتيمم حتى لا تتغير زينتها، ولكن لها أن تصلي قبل وضع الزينة، أو تكون متوضئة قبلها ، وتصلي بعد وضعها، وقد أباح الحنابلة جمع الصلاة في مثل هذه الظروف، فلها أن تصلي المغرب والعشاء، إما جمع تقديم أو تأخير.

-كما يرى بعض الفقهاء جواز جمع الصلاة في غير مطر ولا سفر، إن لم يكن على نوع من الدوام، بل لما قد يطرأ من الظروف التي قد تلجئ الإنسان إلى الجمع، ويمكن إدخال حالة العرس في تلك الظروف، ولما يكون في ذلك من التيسير على الزوجة، وهذا مأخوذ من روح الإسلام في التيسير على عباده ، وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في أكثر من آية ، من ذلك قوله :”يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر “.

وقال الإمام ابن القيم: (الشريعة بناؤها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها).

ويقول الدكتور القرضاوي في حكم جمع الصلاة لضرورة:

أجاز فقهاء الحنابلة للمسلم وللمسلمة الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء في بعض الأحيان لعذر من الأعذار . وهذا تيسير كبير، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير سفر ولا مطر، فسئل في ذلك ابن عباس فقيل له: ما أراد بذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته .. والحديث في صحيح مسلم.

فإذا كان هناك حرج في بعض الأحيان من صلاة كل فرض في وقته، فيمكن الجمع، على ألا يتخذ الإنسان ذلك ديدنًا وعادة، كل يومين أو ثلاثة .. وكلما أراد الخروج إلى مناسبة من المناسبات الكثيرة المتقاربة في الزمن.
إنما جواز ذلك في حالات الندرة، وعلى قلة، لرفع الحرج والمشقة التي يواجهها الإنسان.انتهى

ويقول الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله تعالى: لا يجوز التيمم مع وجود الماء‏،‏ والزينة لا تعد سبباً مبيحاً للتيمم‏،‏ وعليها أداء الصلاة قبل وضع الزينة‏،‏ ولها للحاجة وتقليداً للمذهب الحنبلي أن تصلي المغرب والعشاء جمع تقديم‏،‏ وتتوضأ قبل وضع الزينة. انتهى

وقد ذكر الفقهاء الحالات التي يجوز للإنسان أن يتيمم فيها ،من ذلك: إذا لم يجد الإنسان الماء أصلا، أو وجده ولكن لا يكفيه للطهارة ، أو كان به جراحة أو مرض وخاف من الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء أو كان الماء شديد البرودة وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله وقد عجز عن تسخينه ، أو كان الماء قريبا منه وخاف من طلبه فوت الرفقة أو خاف على نفسه أو عرضه أو ماله ضرر من عدو أو حيوان مفترس مثلا، وكذلك إذا عجز عن استخراج الماء من العمق ، أو خاف تهمة له يتضرر بها عند استعمال الماء في الغسل ، كمن بات عند صديق متزوج وأصبح جنبا بالاحتلام مثلا أو كان محتاجًا إلى الماء في شرب أو طبخ أو عجن أو إزالة نجاسة ، أو خاف من استعماله خروج وقت الصلاة .‏

كما ينبغي على من يحضر حفلات العرس ألا يتغافل عن الصلاة ، لأنه ليس هناك في الإسلام وقت تلغى فيه أحكامه، أو تعطل فيه شرائعه ، فحياة المسلم دائما طاعة لله تعالى، سواء أكانت في عرس أم مأتم أم في غيرهما، قال تعالى:” قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ “.الأعراف 162

فلاينسى الزوجان أن هذه الليلة إنما هي ليلة طاعة، وبداية بناء بيت مسلم ، فلا يبدئ بترك فريضة من فرائض الله تعالى، ولا يتهاون فيها ولا يتكاسل.