شاع عند الكثيرين تحريم استعمال كلمة صدفة، لأنهم ظنوها ـ خطأ ـ أنها تفيد وقوع الأمر دون تقدير من الله ، وهذا الفهم خاطىء، وكذلك التحريم لا أساس له من الصحة لأن العبارة تفيد وقوع الأمر دون ترتيب مسبق، وشتان بين الأمرين. وهذا ما أفتى به الكثير من العلماء.

يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد:
لا بأس باستعمال كلمة قابلت فلاناً صدفة ، لأن مراد المتكلم بذلك أنه قابله بدون اتفاق سابق ، وبدون قصد منه ، وليس المراد أنه قابله بدون تقدير من الله عز وجل .
-وقد ورد استعمال هذه الكلمة في بعض الأحاديث . منها : ما رواه مسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ ( يعني بعبد الله بن أبي طلحة ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ . . الحديث. [الميسم: أداة تستخدم في الكي] .

-وروى أبو داود في سننه عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ . . . الحديث . صححه الألباني في صحيح أبي داود .

حكم قول كلمة صدفة:

جاء في “فتاوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية”
ليس قول الإنسان قابلت فلاناً صدفة محرّماً أو شركاً، لأن المراد منها قابلته دون سابق وعد أو اتفاق على اللقاء مثلاً وليس في هذا المعنى حرج. أهـ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة “صدفة” ؟
فأجاب رحمه الله :
رأينا في هذا القول: أنه لا بأس به ، وهذا أمر متعارف ، ووردت أحاديث بهذا التعبير : صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله .

المصادفة والصدفة بالنسبة للإنسان:

المصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا ، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو سبحانه وتعالى لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبداً ، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له : صدفة ، ولا حرج فيه ، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز.