يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى-:
من المعلوم أنه من السُّنَّة في الوضوء والغُسْل أن يكون ثلاث مرات، حتَّى يَتَأَكَّد الإنسان من طهارة ما يغسل، مع العناية بالأماكن التي تَحْتاج إلى مزيد من النظافة.
وما زاد على المرَّات الثلاثة التي عمَّت العُضو كله أو البدن كله كان إسرافًا منهيًّا عنه، بالنصوص العامة المعروفة. ذلك إلى جانب نصوص خاصة بذلك:
جاء في ” كشف الغمة ” للشعراني ” ج1 ص 61 ” حديث: “لا تُسرف في الماء ولو كنتَ على طَرَفِ نهْر جارٍ”، وحديث: “لا تسرف” قيل: يا رسول الله: وفي الوضوء إسراف؟ قال: ” نعم، وفي كل شيء إسراف” رواه الحاكم وابن عساكر مرسلًا. وحديث: “لا تسرف” رواه ابن ماجة عن ابن عمر.
وجاء في ” المغني لابن قدامة ج1 ص228 ” عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ـ ﷺ ـ مرَّ بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ، فقال: ” ما هذا السَّرَف “؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: ” نعم، وإن كنت على نهر جارٍ” رواه ابن ماجة. وعن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله ـ ﷺ ـ: ” إن للوضوء شيطانًا يقال له: “وَلَهَانُ” فاتَّقوا وَسْوَاسَ الماء ” رواه أحمد وابن ماجة.
هذا، وروى البخاري ومسلم أن النبي ـ ﷺ ـ كان يغتسل بالصَّاع إلى خمسة أمداد. وروى مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ كان يغسله الصاع من الماء من الجنابة ويوضِّئه المُد. وتحدَّث ابن قدامة في صفحة 226 عن الصاع والمد بالتقديرات المعروفة قديمًا. ورأْي الفقهاء فيها. والمهم أن الزيادة على ما يَعُمُّ العضو ثلاث مرات يُعد إسرافًا.
وحكم هذا الإسراف أنه مكروه إذا كان الماء مملوكًا أو مباحًا، أما الماء الموقوف على من يتطهر. ومنه ماء المرافق العامة ـ فإن الزيادة فيه على ثلاث حرام، لكونها غير مأذون فيها.
أخرج أحمد والنسائي وابن ماجة وأبو داود وابن خزيمة من طرق صحيحة أن أعرابيًّا سأل النبي ـ ﷺ ـ عن الوضوء فأراه ثلاثًا ثلاثًا، وقال: ” هذا الوضوء، فمَن زاد على هذا فقد أساء وتعدَّى وظلم”. قال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم.
وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى ” نيل الأوطار ج1 ص 190 “.