تحدث العلماء عن الأوراق التي تَحْمل قيمة مالية، وقالوا: إنها سَنَدَاتُ دَيْن لحاملها، وهي ليست ذهبًا ولا فضة ولا عروض تجارة، فهي من قَبِيل الدِّين القَوىِّ الذي تجب فيه الزكاة إذا بَلَغَ نِصابًا وحال عليه الحَوْل، والورقة ضامنة لقيمتها عند أي شخص، فعوملت معاملة النَّقْدَيْن في وُجوب الزكاة، لِجَرَيَانِ التَّعامُل بِهَا، إلا أنه بِمُقْتَضَى النَّص المَرْقوم عليها وعدم دفع قيمتها نقدًا ممن يعطيها وهو المدين اعتُبِرت حوالة على الغير بقيمتها، فيراعَى في التعامل بها شروط الحَوَالة وأركانها.
فَمَنْ يرَى جَواز المعاملة بالمعاطاة كالصِّيغَة المخْصوصة يُوجِب فيها الزَّكاة بِشُروطها، وذلك لصحة الحَوَالة فيها، وهذا رأْيُ الحَنَفِيَّة والمالكية والحنابلة، ومن يرى تحتم الصيغة في الحوالة وأنها ركن فيها وأنه لا تجوز الحوالة بالمعاطاة – كما هو الأصحُّ عند الشافعية – يقول بعدم صِحَّة الحَوَالة في الأوراق المالية ” البنك نوت”، وعلى هذا القول لا تجب فيها الزكاة إلا إذا قَبَضَ قيمتها ذهبًا أو فِضةً وبلغت نصابًا وحال عليه الحَوْل.
وقد نُشرت فتوى للشيخ محمد بخيت المطيعي في مجلة الإرشاد –العدد الثامن لسنة 1351 هـ جاء فيها ما يؤدي هذا الكلام، من أن المعاملة بهذه الأوراق تتخرَّج على الحَوَالة بالمُعاطاة من غير اشتراط صيغة الحَوَالة كالبيْع، فهي من الدَّيْن القوى الذي هو في حكم العَيْن المَقْبوضة، لتمكُّنه من استبدالها في أي وقت شاء، والحَوَالة بالمعاطاة جائزة عند الأئمة الثلاثة، ومِن هنا تَجب فيها الزكاة، ويَجوز أن يدفع ربْع العُشْر من عينها على طريق الحوالة للفقير بما يأخذه ” مجلة الإسلام – السنة الثالثة، العدد الرابع والثلاثون”.
هذا في الأوْراق التي يُكْتب عليها التعهُّد بدفع قيمتها، أما الأوراق التي تُكتب عليها القيمة فهي عُمْله غير ذهبية ولا فضية ولا سند حوالة، والزكاة في غير النقدين غير واجبة في مذهب إلا الإمام مالك، حيث جعلها بمنزلة النقدين. وهو رأي فيه مصلحة للفقير فيُرَجَّح العمل به.