تغطية الرأس من الأمور التي يرجع فيها إلى العرف وما يعتاده الناس في أي مجتمع ؛ والعرف محكم مالم يصطدم بنص شرعي .
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد :ـ
لا نعلم أحداً من العلماء قال بوجوب تغطية الرأس على الرجال ، وقد عدَّه طائفة من العلماء من المستحبات ، وجعلوا كشف الرأس أمام الناس من خوارم المروءة ، وخاصة إذا كان من كبار السن أو من العلماء ، فإن كشف الرأس من هؤلاء أقبح منه من غيرهم .
والصحيح أنه ليس من خوارم المروءة في كل زمان ولا في كل بيئة ، بل يختلف الحكم بذلك باختلاف عادات الناس .

وقد قسم الشاطبي – رحمه الله- ما اعتاده الناس إلى قسمين :
القسم الأول :
ما دل الدليل الشرعي على حسنه أو قبحه ، فالمرجع في هذا إلى الشرع ولا عبرة بما اعتاده الناس .
مثل كشف العورات ، فإنه قبيح نهى عنه الشرع وإن اعتاده كثير من الناس .
ومثل إزالة النجاسة فإنه أمر حسن أمر به الشرع وإن كان كثير من الناس لا يبالي بملابسة النجاسة ولا يتنزه عنها .

القسم الثاني :
ما اعتاده الناس ولم يرد دليل من الشرع على نفيه أو إثابته .
وهذا القسم نوعان :
الأول :
عادات ثابتة لا تتغير كوجود شهوة الطعام والشراب .

الثاني : عادات متغيرة ، فيتغير كون الفعل حسناً أو قبيحاً باختلاف المجتمعات .
ومثل الشاطبي لهذا النوع بقوله : مثل كشف الرأس : فإنه يختلف بحسب البقاع فى الواقع ، فهو لذوي المروءات قبيح فى البلاد المشرقية ، وغير قبيح فى البلاد المغربية ، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك ، فيكون عند أهل المشرق قادحاً فى العدالة ، وعند أهل المغرب غير قادح .
” الموافقات ” ( 2 / 284 ) .

والحاصل أن تغطية الرأس للرجال من الأمور التي يرجع فيها إلى ما اعتاده الناس ، وينبغي للرجل موافقة عادات المجتمع الذي يعيش فيه ما لم يخالف الشرع ، وحتى لا يوقعه التميز عنهم في اللباس أو غيره في الشهرة المنهي عنها شرعاً .