النية شرط لصحة الصلاة ، فلا تصح صلاة بلا نية ، كما لا تصح نية بلا صلاة ، فلو نوى الصلاة ولم يصل لم تسقط عنه الفريضة ، ولو صلى بلا نية لم تصح صلاته ، لافتقارها إلى شرط النية .
يقول الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق (رحمه الله تعالى) :
النية لابد منها في الصلاة ، بل في كل عبادة مَقْصُودة ، وهي شرط لانعقادها ، فإذا صلى بغير نِيَّة فلا صلاة له ، وإذا نَوَى صلاة الفرض ولم يُصَلِّه ؛ لم يُؤَدِّ الفرض الذي كُلِّف به ، ولا يخرج بمجرد النية عن عُهْدَة التكليف ، وأما ما وَرَد في بعض الأحاديث الضعيفة الإسناد من قوله ﷺ : ” نِيَّة المؤمن خير من عَمَله ” فليس معناه – كما في شروح الجامع الصغير – أن النية الصالحة تُغْني عن العمل كما يَظُنُّ بعض العامة ، وإنما معناه أن المؤمن لَمَّا كانت نِيَّتُه دائمًا أن يعبد الله ولا يشرك به شيئًا ، ويطيعه ولا يعصيه ، كانت نيته خيرًا من العمل من جهة دوامها وانقطاع العمل بالفراغ منه ، والدائم خير من المنقطع ، ومن جهة أن النية من عَمَل القلب فلا يَدْخُلها الرياء لعدم الاطلاع عليها بخلاف العمل الظاهر فإنه قد يَتَطَرَّق إليه الرِّيَاء، وما لا يَقْبل الرياء خير مما يقبله ، والخروج من عهدة التكليف لا يكون إلا بهما معًا .
وقد ذكر حجة الإسلام الغزالي أن النية والعمل لابد منهما في تمام العبادة ، والنية أحد جزأيها لكنها خيرهما؛ لأن الأعمال بالجوارح غير مُرَادَة إلا لتأثيرها في القلب ، فيميل إلى الخير ويُقْلِع عن الشر ، فيتفرغ للذكر والفكر الموَصِّلَين إلى الأنس والمعرفة ، اللذين هما سبب السعادة الأخروية ، أهـ .
فالعمل وسيلة إلى المقصد الأصلي وهو إصلاح القلب ، وإصلاحه لا يتم إلا بالنية ، فكانت خيرًا من العمل من هذه الناحية ، وعلى كل حال فلا دلالة في الحديث على الاكتفاء بالنية عن العمل.