التفسير المناسب لنفي الشِّرك عن آدم وحواء هو أنّه لما تغشّاها شعرت بالحمل أول الأمر خفيفًا، فاستمرّت في حياتها العادية لا تعاني تعبًا، حتّى إذا ثقُل الحمل دَعَوا الله أن يشكراه إن وُلد لهما نسل صالح، فرزقَهما الله ولدين صنفين، ذكرًا وأنثى، وباستمرار عملية الإنجاب وتكاثر الذُّرِّيّة وتعاقُب الأجيال وتباعد العهد بالرسالات نَسِيَ بعض الصِّنفين فضلَ ربِّهما في الخلق والإنعام، فجعلا له شركاء فيما آتاهما، وعَبداها من دون الله، أو لتقرُّبهما إليه زُلفى كما فعل كفّار مكّة عند ظهور الإسلام، وهم المَقصودون بهذه الآيات كما قاله أكثر العلماء.
وبهذا التفسير الذي يتّفِق مع أسلوب اللغة العربيّة التي نزل بها القرآن، من عود الضمائر أحيانًا على اللفظ، وأخرى على المعنى، يستقيم معنى الآية ويتلاءَم مع ما يجب للأنبياء من عصمة.
ذكر السيوطي في الإتقان ” ج1 ص90 ” أن الآية في آدم وحواء كما جاء مصرِّحًا به في حديث أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه. وقال: كيف نُسِب الإشراكُ إليهما وآدم نبي والأنبياء معصومون منه قبل النّبوة وبعدها إجماعًا؟ وقد جَرَّ ذلك إلى أن بعض العلماء حمل الآية على غير آدم وحواء، وتعدَّى ذلك إلى تعليل الحديث والحكم بنَكارته، وذكر أن آخر الآية كان في العرب وشِركهم، حيث عاد الضمير في أولها على الاثنين، وفي آخرها على الجمع ( فتَعالَى اللهُ عَمّا يشركون ) ولا بد من حمل التعبيرات المتشابهة على ما لا يطعن في عصمة الأنبياء.