يقول الدكتور يوسف القرضاوى
زكاة الغنم واجبة بالسنة والإجماع
أما السنة: فما روى أنس في كتاب أبي بكر الذي ذكرناه من قبل، قال: “وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت واحدة إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ، ففي كل مائة شاة، وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار، ولا تيس إلا ما شاء المصدِّق” ونحو ذلك في حديث ابن عمر، وأخبار سوى هذا كثيرة.
وأجمع العلماء على وجوب الزكاة فيها كما أجمعوا على أن الغنم تشمل الضأن والمعز، فيُضم بعضهما إلى بعض، باعتبارها صنفين لنوع واحد
ومن الحديث السابق يكون الواجب كالجدول التالي:
من إلى مقدار الواجب
1 – 39 لا شيء
40 – 120 شاة
121 – 200 شاتان
201 – 399 ثلاث شياه
400 – 499 أربع شياه
500 – 599 خمس شياه
وهكذا في كل مائة شاة
ويشترط فى هذه الأغنام أن تكون سائمة
والسائمة في اللغة: الراعية. وشرعًا: هي المكتفية بالرعي المباح في أكثر العام، لقصد الدر والنسل والزيادة والسمن (الدر المختار وحاشيته رد المحتار: 20/2-21).
فالسائمة هي: التي ترعى في كلأ مباح، ومقابلها المعلوفة وهي التي يتكلف صاحبها علفها.
والشرط: أن يكون سومها ورعيها في أكثر العام لا في جميع أيامه، لأن للأكثر حكم الكل، ولا تخلو سائمة أن تُعلف في بعض أيام السنة، لعدم الكلأ أو لقلته، أو لأي ظرف طارئ، فأدير الحكم على الأغلب. ولا يعتبر السوم إلا إذا كان يقصد الدر والنسل والسمن والزيادة، فلو أسامها ليحمل عليها، أو ليركبها، أو ليأكل لحمها هو وأضيافه لم يكن فيها زكاة. لأنها صُرفت عن جهة النماء إلى جهة الانتفاع الشخصي.
والحكمة في اشتراط السوم: أن الزكاة إنما وجبت فيما يسهل على النفوس إخراجه، وهو العفو، كما قال تعالى لرسوله: (خذ العفو) (الأعراف: 199)، (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) (البقرة: 219) وذلك فيما قَلَّت مؤونته وكثر نماؤه. وهذا لا يتفق إلا في السائمة، أما المعلوفة فتكثر مؤونتها ويشق على النفوس إخراج الزكاة منها.
ودليل هذا الشرط ما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله – ﷺ – يقول: “في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون” الحديث. وذكرناه من قبل. وقد صححه جماعة من الأئمة. ووصف الإبل بالسائمة يدل مفهومه على أن المعلوفة لا زكاة فيها. فإن ذكر السوم لا بد له من فائدة يُعتد بها، صيانة لكلام الشارع عن اللغو. والمتبادر منه أن للمذكور حكمًا يخالف المسكوت عنه. قال الخطابي: “لأن الشيء إذا كان يعتوره وصفان لازمان، فعلق الحكم بأحد وصفيه كان ما عداه بخلافه” (الروض النضير: 399/2).
وقد ثبت عن أهل اللغة العمل بمفهوم الصفة كما نقله أهل الأصول، فيفيد أن التخصيص به مقصود للبلغاء في كلامهم، فكلام الله ورسوله به أجدر (المرجع نفسه ص 400).
ومما يؤيد هذا الحديث ما جاء في صحيح البخاري وغيره من حديث أنس: “وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين منها شاة”. وإذا صح اشتراط السوم في الغنم وجب اشتراطه في الإبل والبقر بالقياس عليها، إذ لا فرق.
وما ورد من أحاديث مطلقة من ذكر السوم، فهي محمولة على هذه الأحاديث المقيدة.
وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء … وخالفهم في ذلك ربيعة ومالك والليث، فأوجبوا الزكاة في المعلوفة من الإبل والبقر والغنم، كما أوجبوا في السائمة سواء بسواء. عملاً بالأحاديث المطلقة التي لم يُذكر فيها السوم. أما ذكر السوم في بعض الأحاديث، فقد خرج مخرج الغالب إذ تلك النُصُب لا تكون في أغلب الأحوال معلوفة (المرجع نفسه ص 399).