من نذر فعل شيء مباح ،وعلقه على ما فيه الكفر ،فعليه التوبة الصادقة مما فعل ،وقد رأى بعض العلماء أنه ينطق الشهادة،وخالفهم غيرهم،ورأوا أن التوبة وحدها هي الواجبة ،واختلفوا في وجوب الكفارة ،فمنهم من أوجبها،ومنهم من لم يوجبها.
وقد جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ما نصه بتصرف:
أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه من طريق هشام بن حسان عن الحسن البصري عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا ” لا تحلفوا بالطواغيت ولا بآبائكم
قال جمهور العلماء: من حلف باللات والعزى أو غيرهما من الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو من النبي ﷺ لم تنعقد يمينه وعليه أن يستغفر الله ولا كفارة عليه ويستحب أن يقول لا إله إلا الله، وعند الحنفية تجب الكفارة إلا في مثل قوله أنا مبتدع أو بريء من النبي ﷺ، واحتج بإيجاب الكفارة على المظاهر مع أن الظهار منكر من القول وزور، كما وصفه الله تعالى، والحلف بهذه الأشياء منكر، وتعقب بهذا الخبر لأنه لم يذكر فيه إلا الأمر بلا إله إلا الله ،ولم يذكر فيه كفارة ،والأصل عدمها حتى يقام الدليل، وأما القياس على الظهار فلا يصح لأنهم لم يوجبوا فيه كفارة الظهار ،واستثنوا أشياء لم يوجبوا فيها كفارة أصلاً، مع أنه منكر من القول.
وقال النووي في الأذكار: الحلف بما ذكر حرام تجب التوبة منه، وسبقه إلى ذلك الماوردي وغيره ولم يتعرضوا لوجوب قول لا إله إلا الله وهو ظاهر الخبر وبه جزم (بعض فقهاء الشافعية) في شرح المهذب.
وقال البغوي في شرح السنة تبعًا للخطابي: في هذا الحديث دليل على أن لا كفارة على من حلف بغير الإسلام وإن أثم به، لكن تلزمه التوبة ،لأنه ﷺ أمره بكلمة التوحيد ،فأشار إلى أن عقوبته تختص بذنبه ولم يوجب عليه في ماله شيئًا، وإنما أمره بالتوحيد لأن الحلف باللات والعزى يضاهي الكفار فأمره أن يتدارك بالتوحيد.