هل صحيح أن الشيطان يشارك الإنسان في جماع أهله إذا لم يسم:
يقول الشيخ عبد الخالق الشريف:
روى عن مجاهد قال : إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه ، وهذا القول ليس بحديث ، ولكن بعض المفسرين يروون هذا القول عن مجاهد ، وفي ثبوته عن الإمام مجاهد كلام .
ثم إن تفسير البعض قوله تعالى عن إبليس : ( وشاركهم في الأموال والأولاد ) بالمشاركة في الجماع غير صحيح، لم يقم عليه دليل من القرآن والسنة ، وكذلك استدلالهم على هذه المشاركة بقوله تعالى : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) ، لأن هذه الأمور غيبية ، فلا تثبت بقول يروى بصيغة التضعيف عن أحد الأئمة ولم يثبت عنه ، ولو ثبت لم يدل على هذه الدعوى التي يكذبها القرآن ، لأن كل ما ذكر في القرآن عن توعد إبليس لبني آدم لا يزيد عن الوسوسة والإغواء والتزيين ، وكيده ضعيف كما أخبر الله تعالى عنه ، والله تعالى لا يرضي بالزنا ، ولا يتصور أن يمكِّن إنسانا أو جانا من الزنا بالنساء عند كل جماع لا يذكر اسم الله عليه ، مع أن الذكر في هذه الحالة قليل لغلبة الشهوة التي تنسي الكثيرين .
هل صحيح ان ابليس وذريته يشاركون بني آدم في أولادهم:
وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال : ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما بولد لم يضره ).
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري بشرح صحيح البخاري :
قوله ( لم يضره شيطان أبدا )، وفي رواية مسلم وأحمد ” لم يسلط عليه الشيطان أو لم يضره الشيطان “, ولأحمد : ” لم يضر ذلك الولد الشيطان أبدا ” وفي مرسل الحسن عن عبد الرزاق ” إذا أتى الرجل أهله فليقل بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ولا تجعل للشيطان نصيبا فيما رزقتنا , فكان يرجى إن حملت أن يكون ولدا صالحا ” .
واختلف في الضرر المنفي بعد الاتفاق على ما نقل عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضرر , وإن كان ظاهرا في الحمل على عموم الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد , وكان سبب ذلك قوله ﷺ : ” إن كل بني آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا من استثنى ” فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة , مع أن ذلك سبب صراخه .
ثم اختلفوا فقيل : المعنى لم يسلط عليه من أجل بركة تسمية الله , بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) ويؤيده مرسل الحسن المذكور , وقيل المراد لم يطعن في بطنه , وهو بعيد لمنابذته ظاهر الحديث المتقدم , وقيل المراد لم يصرعه , وقيل لم يضره في بدنه , وقال ابن دقيق العيد : يحتمل أن لا يضره في دينه أيضا , ولكن يبعده انتفاء العصمة . ولكن يؤيده بأن اختصاص من خص بالعصمة بطريق الوجوب لا بطريق الجواز , فلا مانع أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمدا وإن لم يكن ذلك واجبا له , وقال الداودي معنى ” لم يضره ” أي لم يفتنه عن دينه إلى الكفر , وليس المراد عصمته منه عن المعصية …. وقيل بأن الشيطان يلتف على إحليل الرجل فيجامع معه إذا لم يذكر الله كما روى عن مجاهد .(انتهى).