الهدى هو : الدلالة بلطف على ما يوصل إلى المطلوب، أو إلى الطريق المستقيم.
والهداية هي سلوك طريق يوصل إلى المطلوب.
أنواع الهداية:
يقول فضيلة الدكتور “علي عبد الحليم”من علماء الأزهر جاء فيها:
وهناك نوعان من الهداية :
1ـ هداية الله تعالى للإنسان.
2 ـ وهداية الإنسان للإنسان.
ولكل منهما تفرع ومضمون.
أوجه هداية الله تعالى للإنسان:
هداية الله تعالى للإنسان، وهذه الهداية على أربعة أوجه :
الوجه الأول : هو الهداية التي عم بجنسها كل مكلف وهي العقل والفطنة والمعارف الضرورية التي أعطي منها بحكمته كل شيْ ما يناسبه كما يفهم ذلك من قوله تعالى: “ربنا الذي أعطي كل شيْ خلقه ثم هدى”. طه :50.
الوجه الثاني: هو الهداية التي جعلها الله للناس إذا دعاهم على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام إلى الهداية، وأنزل عليهم القرآن الكريم يهديهم كما يفهم ذلك من قوله تبارك وتعالى “وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون” السجدة: 24 وقوله جل شانه “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم” الإسراء :9.
الوجه الثالث : هو الهداية بمعني التوفيق الذي يختص الله به من أهتدي وهو المعني بقوله تبارك وتعالى “والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم” محمد:17 وقوله جل وعلا “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم” يونس :9.
الوجه الرابع: هو الهداية في الدار الآخرة إلى الجنة وهذا النوع من الهداية هو المعني بقوله الله تعالى “سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم” محمد:5-6) وقول سبحانه وتعالى “ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون” الأعراف: 43.
وهذه الهدايات الأربع التي يهديها الله تعالى للإنسان مترتبة بحيث لاتحدث الثانية منها إلا بعد الأولى ولا تحدث الثالثة منها الا بعد الثانية ولا الرابعة إلا بعد الثالثة، لكن قد تحدث الأولى ولا تحدث الثانية، وتحدث الأولى والثانية ولا تحدث الثالثة، وتحدث الثلاثة الأولى ولا تحدث الرابعة، وما أسعد من حدثت له الرابعة فإنه قد نال الثلاثة التي قبلها.
أوجه هداية الإنسان للإنسان:
هداية الإنسان للإنسان على وجهين :
الوجه الأول :هداية الإنسان عن طريق الدعاء له بأن يهديه الله وبخاصة إذا كان هذا الدعاء بظهر الغيب – كما سنوضح بعد قليل – وهذا الدعاء إنما يصدر عن حب للإنسان وحب الخير له وكل هذه المشاعر أو الأعمال يثاب عليها الإنسان الداعي، قال الله تعالى “وإذا سألك عبادى عني فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون” البقرة 186 وما أعظم ثواب من يدعو لغيره بالهدي.
الوجه الثاني :هداية الإنسان للإنسان بتعريفه طريق الخير والحق وطاعه الله تعالى، ونفهم ذلك في القرآن الكريم عندما يخاطب الله تعالى خاتم رسله ﷺ ومن معه من المؤمنين بقوله تبارك وتعالى “وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور” الشورى : 52-53.
وقوله جل شانه “إنما أنت منذر ولكل قوم هاد” الرعد:7.
وكل هداية نفاها الله تعالى عن النبي ﷺ فهي منفية عن سائر الناس ولأنها ليست إلا لله تعالى وحده كإعطاء الإنسان عقلا وفطنة، وتوفيقا وإدخاله الجنة، ويفهم ذلك من آيات قرآنية كثيرة منها.
قوله تبارك وتعالى في خطاب النبي ﷺ “ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء” البقرة :272 وقوله جل شانه في خطابه ﷺ أيضا “إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء” القصص :56.
وهداية الله تعالى للإنسان بأن عرفه طريق الخير والشر، وطريق الثواب والعقاب وطريق الطاعة والمعصية وقد جاء هذا التعريف عن طريق الشرع في الكتاب والسنة، وعن طريق العقل والمنطق والتفكر والتدبر.
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على أن الله تعالى قد هدى الإنسان إلى ذلك من هذه الآيات الكريمة:
-قوله تبارك وتعالى “ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين” البلد 8-10.
-وقوله جل وعلا” وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم” الصافات 117،118.
-وقوله عز وجل “إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا” الإنسان :2،3.
وهداية الإنسان للإنسان أو تعليمه ما ينفعه في دينه ودنياه لا يتم إلا بأمرين:
فهداية الإنسان للإنسان علم مشترك بينهما لا يتم إلا ببذل وقبول أو هدى واهتداء أو تعليم وتعلم.
وكل من الهادي والمهتدي مسئول بين يدى الله عما قام به من عمل ومثاب إن عمل ومعاقب إن أهمل.
والتربية الإسلامية من وراء هذا التفاعل بين الهادي والمهدي توضح المعالم وترسم الحدود والأبعاد، وتربي الهادي أو الداعي على أن يؤدى واجبه على خير وجه، وليس هو مسئولا عن قبول المدعو أو رفضه “ليس عليك هداهم” البقرة 272 “وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين” يوسف:103 “فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث آسفا” الكهف :6 “فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر” الغاشية :21،22.
هذه قواعد صارمة في هداية الإنسان للإنسان تطبق على النبي ﷺ يدعو ويهدى ويتوقف عمله عند هذا الحد أما الانتقال إلى الهدى فمسئولية المدعو.
ولكن ليس معنى ما قدمنا أن الداعي أو الهادي يؤدى واجبه في التعريف ثم ينصرف متعللا في انصرافه بأن المدعو لم يقبل وإنما على الداعي أو الهادي أن يقوم بعمليه الرئيسيين خير قيام وهما:
-الدعاء للمدعو.
-وتعريفه للطريق.