الأضحية ، سنة مشروعة تمتد في أعماق التاريخ لتصل إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقت أن فدى الله ولده سيدنا إسماعيل بذلك الكبش المبارك، فكانت الأضحية.
والأضحية من العبادات التي شرعت، وكان من جملة حكمها إطعام الفقراء والمساكين والجياع وسد حاجاتهم في هذا الصدد، وكم هو جميل في ديننا أن تشرع الأضحية يوم العيد لسد حاجة الفقير، كما شرعت صدقة الفطر يوم عيد الأضحى لسد حاجة الفقير، حتى لا يبأس الفقير في هذا اليوم!
ويحسن بالمسلم أن يطالع أحكام الأضحية حتى لا تفسد أضحيته وهو لا يشعر، فإن الأضحية قد شرعت في حيوانات مخصوصة، ولها أوقات مخصوصة، ولها شروط مخصوصة!! وكل هذا يحتاج إلى مطالعة أحكامها.
وفي مسألة الأضحية خلاف مشهور بين أهل العلم رحمهم الله ، وأكثر العلماء يرون سنية الأضحية ، وعدم وجوبها .
وذهب الحنفية ، والإمام أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية : إلى وجوبها على الموسر .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” أكثر أهل العلم يرون الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة “.
واستدل كل فريق من العلماء بعدة أدلة ، ولكنها لا تخلو من مقال في أسانيدها ، أو من نزاع في الاستدلال بها .
والحاصل : أن الأحاديث في إيجاب الأضحية فيها مقال ، وإن كان بعض أهل العلم قد حسّن بعضها .
وكذلك الأحاديث التي تنص على استحبابها ، بل هي من جهة الإسناد أشد ضعفا .
ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في خاتمة رسالة له مطولة في “أحكام الأضحية والذكاة”:
” هذه آراء العلماء وأدلتهم سقناها ليبين شأن الأضحية وأهميتها في الدين ، والأدلة فيها تكاد تكون متكافئة ، وسلوك سبيل الاحتياط أن لا يدعها مع القدرة عليها ، لما فيها من تعظيم الله وذكره وبراءة الذمة بيقين ” انتهى .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : ” حكم الضحية أنها سنة مع اليسار ، وليست واجبة ؛ لأن النبي ﷺ كان يضحي بكبشين أملحين ، وكان الصحابة يضحون في حياته ﷺ وبعد وفاته، وهكذا المسلمون بعدهم، ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها، والقول بالوجوب قول ضعيف ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” .
والخلاصة : أن في المسألة خلافا معتبرا بين أهل العلم ، والقول بالاستحباب هو الراجح .