أجاز العلماء صحة أن تختلع المرأة من الرجل بنفقة الأبناء؛ لأن العوض الذي يأخذه الزوج يجوز أن يكون مالا معينا أو موصوفا، كما يجوز أن يكون منفعة، وليس للزوجة أن تطالب بهذه النفقة التي التزمت بها.
جاء في المغني لابن قدامة المقدسي :
إن خالعها على كفالة ولده عشر سنين , صح , وإن لم يذكر مدة الرضاع منها , ولا قدر الطعام والأدم , ويرجع عند الإطلاق إلى نفقة مثله .
وقال الشافعي لا يصح حتى يذكر مدة الرضاع , وقدر الطعام وجنسه , وقدر الإدام وجنسه , ويكون المبلغ معلوما مضبوطا بالصفة كالمسلم فيه , وما يحل منه كل يوم . ومبنى الخلاف على اشتراط الطعام للأجير مطلقا .. ولأن نفقة الزوجة مستحقة بطريق المعاوضة , وهي غير مقدرة , كذا هاهنا .
وللوالد أن يأخذ منها ما يستحقه من مؤنة الصبي , وما يحتاج إليه ; لأنه بدل ثبت له في ذمتها , فله أن يستوفيه بنفسه وبغيره , فإن أحب أنفقه بعينه , وإن أحب أخذه لنفسه , وأنفق عليه غيره . وإن أذن لها في إنفاقه على الصبي , جاز فإن مات الصبي بعد انقضاء مدة الرضاع , فلأبيه أن يأخذ ما بقي من المؤنة. أهـ
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية ـ رحمه الله :
وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتا لها من الحقوق كالدين فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لهما بالطلاق كما لو خالعها على نفقة الولد. وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره. أهـ
وجاء في كشاف القناع للبهوتي:
وإن خالع حاملا على نفقة حملها صح ؛الخلع لأنها مستحقة عليه بسبب موجود فصح الخلع بها وإن لم يعلم قدرها كنفقة الصبي ( وسقطت ) النفقة ( نصا ) لأنها صارت مستحقة له ( ولو خالعها وأبرأته من نفقة حملها بأن جعلت ذلك عوضا في الخلع صح ) ذلك كما تقدم , وكذا لو خالعته على شيء ثم أبرأته من نفقة حملها ( ولا نفقة لها ولا للولد حتى تفطمه فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته ) لأنها قد أبرأته مما يجب لها من النفقة فإذا فطمته لم تكن النفقة لها فلها طلبها منه.
وجاء في الإنصاف للمرداوي:
( وإن خالعها على رضاع ولده عامين , أو سكنى دار : صح . فإن مات الولد , أو خربت الدار : رجع بأجرة باقي المدة ) . من أجرة الرضاع والدار . وهذا المذهب .
و قال ابن عابدين في الدر المحتار:
قال في الفتح: ولها أن تطالبه بكسوة الصبي إلا إذا اختلعت على نفقته وكسوته فليس لها وإن كانت الكسوة مجهولة، وسواء كان الولد رضيعا أو فطيما. ا هـ.
ومثله في الخلاصة, وانظر ما فائدة التعميم في الولد. هذا, وقد تعورف الآن خلع المرأة على كفالتها للولد بمعنى قيامها بمصالحه كلها وعدم مطالبة أبيه بشيء منها إلى تمام المدة. والظاهر أنه يكفي عن التنصيص على الكسوة لأن المعروف كالمشروط ا.هـ .