إذا قام المسبوق إلى قضاء ما عليه بعد سلام إمامه ، فليجعل ما أتى به أول صلاته، وما بقي آخر صلاته، فإذا أدرك مع الإمام في صلاة المغرب مثلا ركعة واحدة فقط ، فإنه بعد سلام الإمام مطالب بركعتين اثنتين .

فكيف يصليهما؟

بما أننا اعتبرنا الركعة التي صلاها مع الإمام هي أول ركعات المغرب… فيتم المسبوق صلاته على أنه قد بقي له الركعتان الأخيرتان… فيأتي بركعة بفاتحة وسورة ثم يتشهد، ثم يأتي بالركعة الثالثة بفاتحة فقط. وهذا مراعاة لهيئة الصلاة المعهودة.

وهذا الترتيب ذهب إليه الحنابلة والمالكية والشافعية. أما الأحناف فذهبوا إلى أن من أدرك آخر ركعة من المغرب فإنه يقوم فيصلي الركعتين الأوليين ؛ لأنهم يعتبرون أن ما يقوم إليه المأموم يقضى على أنه آخر الصلاة.

وقد رجح الإمام النووي مذهب من يرى الإتمام ، وأن ما فات يكون أول الصلاة ، وأن ما بقي يكون آخر الصلاة فقال :-

واحتج أصحابنا بقوله ” { ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } رواه البخاري ومسلم من طرق كثيرة .

قال البيهقي : الذين رووا فأتموا أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة الذي هو راوي الحديث ، فهم أولى ، قال الشيخ أبو حامد والماوردي : وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد تقدم أوله وبقية آخره ،

وروى البيهقي مثل مذهبنا عن عمر بن الخطاب وعلي وأبي الدرداء وابن المسيب وحسن وعطاء وابن سيرين وأبي قلابة رضي الله عنهم .انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-

المقتدي إما مدرك ، أو مسبوق ، أو لاحق ، فالمدرك : من صلى الركعات كاملة مع الإمام .

والمسبوق : من سبقه الإمام بكل الركعات بأن اقتدى بالإمام بعد ركوع الأخيرة ، أو ببعض الركعات .

وقد اختلفوا في حكمه :-

فقال أبو حنيفة والحنابلة : ما أدركه المسبوق فهو آخر صلاته قولا وفعلا ، فإن أدركه فيما بعد الركعة الأولى كالثانية أو الثالثة لم يستفتح ، ولم يستعذ ، وما يقضيه فهو أول صلاته ، يستفتح فيه ، ويتعوذ ، ويقرأ الفاتحة والسورة كالمنفرد ، لما روي عن النبي قال : { ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا } والمقضي هو الفائت ، فيكون على صفته.

لكن لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة فإنه يتشهد عقب قضاء ركعة أخرى عند الحنابلة كما قال به سائر الفقهاء ، غير أبي حنيفة ، لئلا يلزم تغيير هيئة الصلاة ، لأنه لو تشهد عقب ركعتين لزم قطع الرباعية على وتر ، والثلاثية شفعا ، ومراعاة هيئة الصلاة ممكنة .

وقال أبو حنيفة : لو أدركه في ركعة الرباعي يقضي ركعتين بفاتحة وسورة ثم يتشهد ، ثم يأتي بفاتحة خاصة ، ليكون القضاء بالهيئة التي فاتت .

وقال الشافعية :ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته ، وما يفعله بعد سلام إمامه آخرها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : { فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا } وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله ، وعلى ذلك فلو أدرك ركعة من المغرب مع الإمام تشهد في الثانية .

وذهب المالكية ،وأبو يوسف ومحمد من الحنفية ، وهو المعتمد في المذهب: أن المسبوق يقضي أول صلاته في حق القراءة ، وآخرها في حق التشهد ، فمدرك ركعة من غير فجر يأتي بركعتين بفاتحة وسورة وتشهد بينهما ، وبرابعة الرباعي بفاتحة فقط ، ولا يعقد قبلهما ، فهو قاض في حق القول عملا برواية : { وما فاتكم فاقضوا } لكنه بان على صلاته في حق الفعل عملا برواية : { وما فاتكم فأتموا } .

والله تعالى أعلم .