إن الصلاة كُتِبَتْ على الأنبياء السابقين، كما كُتِبَتْ عَلَى المَسْلِمين، وكذلك الصيام والزكاة، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ( سورة البقرة : 183 )، وقال تعالى ( وِاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إِنَّه كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا . وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) ( سورة مريم : 54، 55 ) إلى غير ذلك من النصوص التي تُبَيِّنُ عِبَادَةَ الأنبياء السابقين ومنهم إبراهيم ـ عليه السلام ـ الذي قال الله على لسانه ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ( سورة إبراهيم : 40 ) إلا أن تفاصيل هذه العبادات لم تُعْرَف كلُّها على وجه التأكيد، وليست هناك فائدة كبيرة في معرفتها، فلكلِّ نبي ولكلِّ أمة ما يناسبها ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنَهَاجًا ) ( سورة المائدة : 48 ) .
ومن الصِّيَغ التي وَرَدَت في الصلاة على النبي ـ ﷺ ـ بعد التشهُّد في الصلاة، الصلاة الإبراهيمية التي يُذْكر فيها سيدنا إبراهيم؛ لأن إبراهيم أب لأكثر الأنبياء، فَدِينُه أصلٌ لهم يدعون إليه جميعًا، ويسيرون على نَهْجِه، وقد قال الله لنبيه محمد ـ ﷺ ـ ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَن اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) ( سورة النحل : 123 ) وقال تعالى ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) ( سورة الأنعام : 161 )، كما أن الله أنعم على إبراهيم وآل بيته بالرحمة والبركات، فقال ( رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّه حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) ( سورة هود : 73 )، فنحن في صلاتنا على النبي ـ ﷺ ـ ندعو له بالرحمات والبركات، كَمَا رَحِمَ الله أباه إبراهيم وبارَكَه . ولا شيء في ذلك أبداً .
وتفصيل ذلك موجود في شرح الزرقاني على المواهب اللدنية ” ج 6 ص 340 ” .