القرآن أنزله الله نورا وهداية للعالمين، وهو دستور الأمة الخالد يرشدها إلى ما فيه صلاحها في الدنيا ونجاتها يوم القيامة، ولقد وعى الرعيل الأول هذه الحقيقة فكانت لهم السيادة في الدنيا، وفازوا برضوان الله، وعلى هذا فلا حرج في كتابة القرآن على الجدران إن عملنا به وتدبرنا آياته، وإلا فترك ذلك أولى.
يقول فضيلة فضيلة الدكتور محمود عكام -أستاذ الشريعة بالجامعات السورية-:
ليس من شك في أن القرآن الكريم أنزله الله على حبيبه ومصطفاه ـ صلى الله عليه سلم ـ لفرض هو أسمى الأغراض وأنبلها وأعزها وأشرفها، وهو هداية الناس إلى الحق عن طريقه، وإخراجهم من ظلمات الجهل والطغيان إلى نور العدل والعرفان، وليطهر القلوب من رجس الخضوع لغير خالق الأرض والسماوات، ويرشد الناس إلى العقائد الصحيحة والعلوم النافعة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة التي تسمو بالفرد والمجتمع إلى مكانة العزة والكرامة، مصداقا لقوله سبحانه: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)، وقوله: (يا أيها الناس قد جاءكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين).
وبذلك كله كان القرآن الكريم شافيا لأمراض القلب التي تفسد على الإنسان حياته، وأمراض الصدور، مثل: جهل بالحق، وشبهة تضعف الإيمان، وشهوة تغري بالفساد. ولم يختلف المسلمون الأوائل في هذه الحقيقة فأقبلوا على حفظه وتلاوته يستخرجون نفائسه ويتعرفون أحكامه ويسيرون على وفق تعاليمه فيحلون حلاله ويحرمون حرامه،
ثم انحرف بعض المسلمين في الآونة الأخيرة فاتخذوا من القرآن مظهرا لا مخبرا، وعرضا لا جوهرا، وبعضهم حوله شعارات براقة ومظاهر خداعة على وفق ما جاء في السؤال وانحرفوا به عن غرضه الذي أنزل لأجله، وأخشى أن ينطبق عليهم قوله تعالى: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
فالعبرة ليست بكتابة القرآن على الحوائط والجدران وغيرها، وإنما العبرة بالعمل به والتدبر بآياته، فإذا عملنا بما نكتب فلا شيء في هذا، وإن كان غير ذلك فإن الترك يكون أفضل وأولى.