يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر
معلوم أن المرتدَّ هو من ينكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة ، ويستوي في ذلك من وُلِدَ مسلمًا ومَن أسلم بعد كفر. ويستوي في ذلك أيضًا مَن اعتنق دينًا يُقِرُّ عليه أهله كاليهوديّة والنصرانية ومَن لم يعتنق هذين الدينين. وقد جاء في عقوبته الدنيويّة قوله ﷺ ” مَن بدَّل دينَه فاقتلوه ” رواه البخاري ومسلم .
وبصورة موجزة ألخص ما قاله الماوردي في كتابه ” الأحكام السلطانية ” ص55 ، فقد جاء فيه : إن كان المرتَدّون أفرادًا لم يتحيّزوا بدار يتميّزون بها عن المسلمين فلا نقاتلهم. وإنما نحاوِرُهم، فإن ذكروا شبهة في الدين أوضحت لهم بالحُجَج والأدلة حتى يتبيَّن لهم الحَقُّ. وطلبنا منهم التوبة ممّا دخلوا فيه من الباطل، فإن تابوا قُبِلَتْ توبتهم وعادوا إلى الإسلام كما كانوا، وعليهم بعد التوبة قضاء ما تَركوه من الصلاة والصيام في زمان الرِّدّة، لاعترافهم بوجوبه قبل الرِّدّة، وقال أبو حنيفة: لا قضاء عليهم كمَن أسلمَ عن كفر. ومَن كان مِن المرتدين قد حجَّ في الإسلام قبل الرِّدة لم يبطل حجّه بها ولم يلزمه قضاؤه بعد التوبة، وقال أبو حنيفة، قد بطَل بالردة ولزمه القضاء بعد التوبة .
ومن أقام على ردّته ولم يتبْ وجب قتله، رجلاً كان أو امرأة. وقال أبو حنيفة: لا أقتل المرأة بالردة. وقد قتل رسول الله ﷺ بالردة امرأة كانت تكنَّى ” أم رومان ” . ولا يجوز إقرار المرتدِّ على ردته بجزية ولا عهد، ولا تؤكل ذبيحته، ولا تنكَح منه امرأة.
هل يعجَّل قتل الموتد في الحال أو يؤجَّل
اختلف الفقهاء في قتل المرتدين هل يعجَّل في الحال أو يؤجَّلون فيه ثلاثة أيام ؟ هناك قولان ، قول بتعجيل قتلهم في الحال حتى لا يؤخَّر لله حق ، وقول بإنظارهم ثلاثة أيام لعلَّهم يتوبون، وقد أنظر عليٌّ ـ كرّم الله وجهه ـ ” المستورد العِجلي ” بالتوبة ثلاثة أيام ثم قتله بعدها.
بماذا يقتل المرتد
القتل يكون بالسيف، وقال ابن سريج من أصحاب الشافعي : يُضرب بالخشب حتى يموت، لأنه أبطأ قتلاً من السيف، ولعله يستدرك بالتوبة، وإذا قتل لم يغسَّلْ ولم يُصَلَّ عليه ولا يُدفَنْ في مقابر المسلمين، بل ولا في مقابر المشركين ويكون ماله فيئًا في بيت مال المسلمين، لأنه لا يرث عند مسلم ولا كافر. وقال أبو حنيفة: يورث عنه ما اكتسبه قبل الرِّدة، ويكون ما اكتسبه بعد الرِّدة فيئًا وقال أبو يوسف يورث عنه ما اكتسبه قبل الرِّدة وبعدها .
ولا يقال إن الأمر بقتل المرتد مصادَرة لحريّة العقيدة، لأن المرتد عن الدين قد دخل فيه غالبًا للكَيد للمسلمين ( وقَالَتْ طَائِفةٌ مِنْ أهْلِ الكِتابِ آمِنوا بالذي أنزلَ عَلَى الذِينَ آَمنوا وَجْهَ النَّهارِ واكفُروا آخرَه لعلَّهمْ يَرجِعون ) [ سورة آل عمران : 72 ] فقتله هو دفاع عن المسلمين.
أما الكافر الأصلي فالإسلام يَعرض عليه دون إكراه، وإن لم يؤمن عاملناه على ضوء قوله تعالى ( فما استَقامُوا لكم فاستَقيموا لهم ) [ سورة التوبة : 7 ].