إذا كان الحانوت سيقام داخل المسجد بحيث لا يوجد فاصل يفصله عن المسجد فهذا غير جائز وكلام الفقهاء في ذلك دائر بين الحرمة والكراهة، وذلك لأن بيوت الله تعالى لم تبن لتجارة الدنيا وإنما بنيت لتجارة الآخرة..
ولكن إذا كان الحانوت في مكان ملحق بالمسجد بحيث يكون له مدخل مستقل ويوجد جدار يفصله عن المسجد فلا حرج في ذلك.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
يكره البيع والشراء في المسجد، وبه قال إسحاق ; لما روى أبو هريرة , أن رسول الله ﷺ قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد , فقولوا : لا أربح الله تجارتك , وإذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد , فقولوا : لا ردها الله عليك). أخرجه الترمذي , وقال حديث حسن غريب؛ ولأن المساجد لم تبن لهذا.
ورأى عمران القصير رجلا يبيع في المسجد , فقال : هذه سوق الآخرة , فإن أردت التجارة فاخرج إلى سوق الدنيا . فإن باع فالبيع صحيح ; لأن البيع تم بأركانه , وشروطه , ولم يثبت وجود مفسد له , وكراهة ذلك لا توجب الفساد , كالغش في البيع والتدليس والتصرية . وفي قول النبي ﷺ : ” قولوا : لا أربح الله تجارتك . من غير إخبار بفساد البيع , دليل على صحته.
وجاء في كتاب نيل الأوطار للإمام الشوكاني:
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك). رواه الترمذي.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (نهى رسول الله ﷺ عن الشراء والبيع في المسجد , وأن تنشد فيه الأشعار , وأن تنشد فيه الضالة , وعن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة) . رواه الخمسة وليس للنسائي فيه “إنشاد الضالة”.
وذهب جمهور العلماء إلى أن النهي محمول على الكراهة , قال العراقي : وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه , وهكذا قال الماوردي . وحمل النهي على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بأن النهي حقيقة في التحريم وهو الحق وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم فلا يصح جعله قرينة لحمل النهي على الكراهة وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد والأحاديث ترد عليه . وفرق أصحاب أبي حنيفة بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره أو يقل فلا كراهة وهو فرق لا دليل عليه.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
التكسب في المسجد بالبيع والشراء يرى المالكية والشافعية على الأظهر وبعض الحنابلة كراهته , فقد ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : { إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك , وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا : لا رد الله عليك).
وفي جامع الذخيرة: جوز مالك أن يساوم رجلا ثوبا عليه أو سلعة تقدمت رؤيتها , وقال الجزولي : ولا يجوز البيع في المسجد ولا الشراء.
واختلف إذا رأى سلعة خارج المسجد هل يجوز أن يعقد البيع في المسجد أم لا ؟ قولان: من غير سمسار , وأما البيع بالسمسار فيه فممنوع باتفاق . ويرى الحنفية أنه يمنع من البيع والشراء وكل عقد لغير المعتكف في المسجد , ويجوز للمعتكف بشرط أن لا يكون للتجارة , بل يكون ما يحتاجه لنفسه أو عياله بدون إحضار السلعة.
وصرح الحنابلة بأنه يحرم في المسجد البيع والشراء ولا يصحان .
وقال ابن بطال : أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه .