غسل الجمعة سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء ، وذهب بعضهم إلى وجوبه .

غسل الجمعة هل هو سنة أم واجب

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :- أهم الأغسال المسنونة أو المستحبة: غسل الجمعة، فهو سنة مؤكدة عند الجمهور، لما صح فيه من دعوة وترغيب. مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من الطهور، ويدهن من دهنه، ويمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام: إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى” رواه البخاري.[1]

وعن أبي قتادة مرفوعا: “من اغتسل يوم الجمعة لم يزل طاهرا إلى الجمعة الأخرى.[2]

وروى الشيخان عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم.

وعنه قال: “أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الغسل يوم الجمعة: واجب على كل محتلم، وأن يستن (أي يتسوك) وأن يمس طيبا إن وجد.[3]

وذهب الظاهرية إلى وجوب غسل الجمعة[4] أخذا بظاهر حديث: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم”.

وفهم الجمهور من رواية الوجوب: تأكيد الاستحباب والطلب، بدليل أنه أشرك معه السواك ومس الطيب، وهما ليسا بواجبين اتفاقا، ولا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد.

وفرق بعضهم بين ذي النظافة وغيره، فاستحبه للأول، وأوجبه على الثاني، نظرا إلى العلة. وقد روى الشيخان عن عائشة قالت: كان الناس مَهَنة أنفسهم (أي يعملون بأنفسهم) وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة، راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: “لو اغتسلتم؟.[5]

وفصلت ذلك في حديث آخر، قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم، فيأتون في الغبار، ويصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم، وهو عندي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا؟”.[6]

وروى أبو داود عن عكرمة: أن أناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس! أترى الغسل يوم الجمعة واجبا؟ قال: لا، ولكنه أطهر، وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل: فليس عليه واجب، وسأخبركم كيف بدأ الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حارّ، وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح، آذى بذلك بعضهم بعضا، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال: “أيها الناس، إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه” قال ابن عباس: ثم جاء الله ـ تعالى ذكره ـ بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العمل، ووسع في مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق”.[7]

الحكمة من غسل الجمعة:

الحكمة في ذلك: أن يكون الناس على حال حسنة حين يجتمع بعضهم إلى بعض، فلا يؤذي أحد أخاه وجليسه بسوء رائحته، أو قذارة ثيابه، أو غير ذلك، كما قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف: 31.

[1] رواه البخاري عن سلمان (907).

[2] رواه الطبراني في الأوسط وابن خزيمة في صحيحه (1760) وحسنه معلقه، والحاكم وصححه على شرطهما (282،283) ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه واللفظ له (1222) وقال محققه: إسناده قوي.

[3] متفق عليه. المرجع السابق (490).

[4] انظر: المحلى لابن حزم: المسألة (178) وما بعدها، مطبعة الإمام.

[5] اللؤلؤ والمرجان (489).

[6] المرجع السابق (488).

[7] انظر: المسند (2383) ومجمع الزوائد (2/172).