لا بدَّ لصِحَة عقد الزواج من وجود الشّاهدين مع الزّوجين في مجلس العقد، وذلك للتأكُّد من شخصية الزّوجين وسماع الصيغة، وقد يحصُل التأكُّد إذا أرسل الزّوج كتابًا إلى الزوجة بأنّه تزوّجها وقَبِلَتْ هي وشهد على قَبولها شاهِدان، فالكِتاب الموقَّع عليه منه يَقوم مَقام النُّطق بالصيغة كما قال بعضُ العلماء .
أما الكَلام في المسرة “التليفون” فالتحقُّق فيه من صوت الزوج فيه عُسر، لإمكان التقليد والمُحاكاة للأصوات، وإذا سمعته الزّوجة فالشاهِدان ربما لا يسمعانِه، اللهم إلا إذا كانت الزوجة والشاهدان يَسمعون من سَمّاعة واحدة بالآلات الحديثة، ومع ذلك ففيه عُسر في التأكد. ويُمكن أن يقال: إنّه بتطور آلات الاتصال التي تنقل بها الصورة مع الصوت قد يحصل التأكد من شخصية الطرفين وكلامُهما بالإيجاب والقَبول، وتجري هذه الرُّؤية عن بعد مجرى الحُضور في المجلس الواحد الذي اشترطَه الفقهاء. وهنا يكون العقد صحيحًا . ” راجع كتاب: أحكام الأسرة في الإسلام ، للدكتور محمد مصطفى شلبي ” .
وجاء في كتاب الأحوال الشخصية للدكتور الشيخ عبد الرحمن تاج ” ص24 ” : أنَّ أحد المُتعاقدين إذا كان غير حاضِر مع الآخر في مجلس واحد فإنه يُمكن أن يتعاقَد بوساطة رسول أو كتاب، وتقوم عبارة الرسول وما سُطِّرَ في الكتاب يقوم مَقام تلفُّظ العاقد الحاضر، والشهادة اللازمة لصحة العقد يلزم توافُرُها في مجلس القَبول الذي يصدر من المرسل إليه أو المبعوث إليه الكتاب.
ولا يلزم أن يُشْهِد صاحب الكِتاب على كتابه، بل يكفي أن يشهد الشهود في مجلس القَبول على هذا القبول، وعلى ما جاء في الكتاب بعد قراءته عليهم أو إخبارهم بما فيه، فإن ذلك يقوم مقام حضور صاحب الكِتاب وتلفُّظه في المجلس. ويجب التنبيه على التثبُّت من أن الكتاب هو كتاب فلانٍ وذلك بشهادة مَن قرؤوه أو علموا بما فيه، فإنه قد ينكر، وهنا لا يثبت الزّواج، وتنصُّ لائحة المَحاكِم الشرعيّة على أنه لا تُسمَع عند الإنكار دعوى الزوجيّة إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسميّة.