الصحيح أن الرجل إذا كان مسلما متمسكا بإسلامه وقافا عند حدود الله سبحانه وتعالى، يكون كفوءا لأي امرأة مسلمة مهما تفاوتت الأنساب بينهما، ومهما ارتفعت عنه في الدرجة العلمية والاجتماعية، والناس لا يعيشون بالمناصب والشهادات، ولكنهم يعيشون بالحب والتقارب النفسي، لذلك صح أن رسول الله ﷺ قال: ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ).
قال ابن قدامة في كتاب المغني من كتب الحنابلة:
إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد. نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. وهو اختيار أبي بكر، وذكر ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وشريح وبه قال الشافعي لقول النبي ﷺ: { فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له }. ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه، فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه. ولنا أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب، فملكه الأبعد، كما لو جن. ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه، كما لو شرب الخمر. فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم. والحديث حجة لنا؛ لقوله: { السلطان ولي من لا ولي له }. انتهى.
ثم تكلم ابن قدامة على معنى العضل فقال:
ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار: { زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا. وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: { فلا تعضلوهن }. فقلت: الآن أفعل يا رسول الله . قال: فزوجها إياه.} رواه البخاري.