يقول الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
الزواج عهد وثيق، ربط الله به بين رجل وامرأة، أصبح كل منهما يسمى بعده (زوجًا) بعد أن كان فردًا، وقد صور القرآن الكريم مبلغ قوة هذا الرباط بين الزوجين، فقال: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن…). وهو تعبير يوحي بمعاني الاندماج والستر والحماية والزينة، يحققها كل منهما لصاحبه، ولهذا كان على كل من الزوجين حقوق لصاحبه، لابد أن يراعيها، ولا يجوز له أن يفرط فيها، وهي حقوق متكافئة، إلا فيما خصت الفطرة به الرجال، كما قال الله تعالى: (لهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم). وهي درجة القوامة والمسئولية، وقد روى أبو داود وابن حبان أن رجلاً سأل النبي ـ ﷺ ـ فقال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: “أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت”. وروى النسائي والحاكم حديث: ” كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت “. وروى مسلم في صحيحه: ” لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقًا رضي منها غيره “.
ولا يحل للزوج أن يضار زوجته، ويسيء عشرتها بضرب، أو بأي شيء آخر يتعارض مع المودة والرحمة، التي هي الشأن في الحياة الزوجية، التي حث عليها الإسلام، وجعلها آية من آيات الله ـ سبحانه ـ وصدق القائل في محكم كتابه: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة).
ويحرم على المرأة طلب الطلاق من زوجها بغير ما بأس من جهته، ولا داعٍ مقبول يؤدي إلى التفريق بينهما، لقوله ﷺ: “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.
أما إذا كان الزوج يدفعها إلى طلبه، ويتعمد إساءتها بكافة صور الإيذاء غير المحتملة، فلا مانع من طلبها الطلاق، أو التطليق عن طريق القضاء. (انتهى).