من ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون الآمر عالما بما يأمر وبما ينهي، وأن يعلم أنه لا إنكار في المختلف فيه، وأن يكون مستقيما في سلوكه فلا يعقل أن ينهى عن شيء ويأتي مثله، كما يجب أن يكون صادقا مخلصا فيما يأمر وينهى.
يقول الدكتور عبد الباري الزمزمي ـ عضو لجنة علماء المغرب:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون نافعا للناس ومصلحا لما فسد من أحوالهم ومحققا الغاية المرجوة منه إلا إذا كان القائم به مستجمعا للخصال الواجب توفرها فيه، وهي:
أولا: العلم بما يأمر به من المعروف، وبما ينهى عنه من المنكر، لقول الله عز وجل: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فجعل سبحانه التفقه في الدين والعلم بأحكامه صفة يجب تحققها فيمن ينذر الناس ويخوفهم عذاب الله وسخطه، إذ أن من يتعاطى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدون علم ولا تفقه في الدين قد يأمر بما ليس بمعروف ولا مشروع أصلا، وقد ينهى عما ليس بمنكر ولا محرم في الدين، فيشدد على الناس وينفرهم من الإسلام ويشرع لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فيكون بذلك ضالا ومضلا، وليس مصلحا ولا مرشدا.
ثانيا: الاستقامة على طاعة الله والعمل بما يأمر به من المعروف واجتناب ما ينهى عنه من المنكر، فالله عز وجل يقول: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله)، فوصف سبحانه من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتوبة إلى الله والعمل الصالح بمختلف أنواعه وبحفظ حدود الله، وبذلك يكون نصحه مقبولا وزجره محترما.
ثالثا: الصدق والإخلاص فيما يأمر به وينهى عنه، فلا يأمر بمعروف ولا يفعله ولا ينهى عن منكر ويقترفه، وفي ذلك يقول عز وجل عن نبيه شعيب إذ قال لقومه، (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)، ومفهوم قوله هذا أن من ينهى عن السوء ويأتيه، فإنه يفسد الناس بصنيعه ويكون داعية بسلوكه إلى الفسق لا إلى الإصلاح، وفي الحديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه ـ أي تتدلى أمعاؤه ـ فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقول ويحك يا فلان، ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه (رواه البخاري ومسلم). أ.هـ
والله تعالى أعلم.