إن ضغطة القبر عامة ولا ينجو منها إلا الأنبياء على الصحيح من أقوال العلماء ، وحكمتها غير ظاهرة ، ولذلك اجتهد العلماء في معرفة الحكمة ، فقال البعض بسبب الذنوب ، ولذلك ينجو منها الأنبياء لأنهم معصومون .

وقيل : لأن الأرض تشتاق إلى أبنائها الذي خلقوا منها ثم عادوا إليها فتضمهم ، فالمؤمن الطائع تضمه بشفقة ورأفة ، والكافر الفاجر تضمه بشدة وعنف .

والذي يجعلها خفيفة هو العمل الصالح بوجه عام، وتقوى الله عز وجل .

جاء في شرح سنن النسائي للسيوطي :
قوله صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه النسائي عن معاذ بن جبل ـ :( هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه ) زاد البيهقي في كتاب عذاب القبر : “يعني سعد بن معاذ ” وزاد في دلائل النبوة : قال الحسن : تحرك له العرش فرحا بروحه .

وروى أحمد والبيهقي من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ ) ، قال أبو القاسم السعدي : لا ينجو من ضغطة القبر صالح ولا طالح غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها دوام الضغط للكافر وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره ثم يعود إلى الانفساح له ، قال والمراد بضغط القبر التقاء جانبيه على جسد الميت .

وقال الحكيم الترمذي : ” سبب هذا الضغط أنه ما من أحد إلا وقد ألم بذنب ما فتدركه هذه الضغطة جزاء لها ثم تدركه الرحمة ، وأما الأنبياء فلا يعلم أن لهم في القبور ضمة ولا سؤالا لعصمتهم .
وقال النسفي في ” بحر الكلام ” : المؤمن المطيع لا يكون له عذاب القبر ويكون له ضغطة القبر فيجد هول ذلك وخوفه لما أنه تنعم بنعمة الله ولم يشكر النعمة .

وروى ابن أبي الدنيا عن محمد التيمي قال كان يقال إن ضمة القبر إنما أصلها أنها أمهم ومنها خلقوا فغابوا عنها الغيبة الطويلة فلما رد إليها أولادها ضمتهم ضمة الوالدة غاب عنها ولدها ثم قدم عليها فمن كان لله مطيعا ضمته برأفة ورفق ومن كان عاصيا ضمته بعنف سخطا منها عليه لربها .