عندما فرض الله على نساء هذه الأمة الحجاب لم يقيده بوقت دون آخر، فلم يلزمها إياه في الصلاة وأباح لها الخروج أمام الرجال الأجانب بغيره، فالدين كل لا يتجزأ، فالمرأة مأمورة بالحجاب مادامت ستظهر أمام الرجال الأجانب، فإن هي خرجت على الرجال الأجانب بغير حجاب فلا شك أنها آثمة في هذه الحال، ويجب عليها التوبة والرجوع إلى الله ومن شروط توبتها التزامها بالحجاب.

والمرأة عليها أن تخشى على صلاتها من عدم القبول لأن الله سبحانه بين لنا في كتابه الكريم أنه لا يتقبل إلا من المتقين قال تعالى : :{إنما يتقبل الله من المتقين} كما أنها معرضة لعذاب الله على خلعها للحجاب الذي أمرها الله به.

يقول الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله تعالى-:

فالتى تُصلِّي وتصوم صومًا صحيحًا خالصًا لوجه الله يُرجَى قَبول عملها، ومع ذلك تعاقب على خلْع الحجاب؛ لأنه معصية، وإذا كان الله سبحانه وتعالى يقول: (إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (سورة هود: 114) فهو أعلم بحجم المعصية وهل يُمكن لثواب الطاعة أن يَذهب عقابها، ذلك أمر موكول إليه سبحانه.

والمؤمن لا ينبغي أن يَركَن إلى العفو ويُؤمِّل المغفرة، ويَنزِع من قلْبه الخشية والخوف من الله حتى لا يَتمادى في العصيان. بل الواجب عليه إذا فَعَل معصية أن يُبادِر بالاستغفار والتوبة حتى يَغفِر الله له. قال تعالى: (وإنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تَابَ وآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) (سورة طه : 82) وفي الحديث الذي رَوَاه الترمذي:”اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ، وأتْبعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ”.

وننبه إلى أنَّ المتمردة على الحجاب غير خائفة من الله، لا تُبالي بأمره ولا تَخشى عقابه، فهل إذا صلَّت أو صامت تكون خائفة من عقاب الله إذا لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ لو كانت صلاتها أو صيامها مع هذا الخوف اللازم للقَبول لكان لهذا الخوف أثره على سلوكها فالْتَزَمَتْ الحجاب، فتمردها على الحجاب أمَارة على أنها كانت تُصلِّي وتَصُوم بدون خوف من الله، وبالتالي لا يَقبَل الله منها صلاتها ولا صيامها .

قال تعالى: (وَأَقَمِ الصَّلاةَ إنَّ الصلاةَ تَنْهَىَ عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ) (سورة العنكبوت: 45) وفي المأثور: مَن لم تَنْهَهُ صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يَزدَدْ من الله إلا بُعدًا.

ورُوِيَ من حديث الحسن مُرسَلاً بإسناد صحيح. ورواه الطبراني وأسنده ابن مردويه في تفسيره بإسناد ليِّن، والطبراني من قول ابن مسعود:”من لم تأمُره صلاته بالمعروف وتَنْهَهُ عن المنكر لم يَزْدَدْ من الله إلا بعدًا” وإسناده صحيح “العراقي على الإحياء ج 1 ص 134” وفي الحديث الصحيح أن امرأة ذُكِرَتْ عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكثرة صيامها وصلاتها غير أنها تُؤذِي جيرانها بلسانها فأَخبَر أنها لا خير فيها وأنها في النار.

فالخلاصة أن علامة قَبول الطاعة استقامة السلوك، مع العلم بأن قَبول العبادة شيء وصحتها شيء آخر، فقد تكون الصلاة صحيحة بأركانها وشروطها، ولكنها غير مقبولة عند الله ولا يُحكَم عليها بأنها باطلة فليس هناك ربْط بين الصحة والقبول. وقد جاء في الحديث “إن الرجل لَيَنْصَرِفَ وما كُتِبَ له إلا عُشْر صلاته أو تُسعها أو ثُمنها أو سُبعها أو سُدسها أو رُبعها أو ثُلثها أو نِصفها” رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه.

ومع كل ما تَقدَّم لا نَنْسَى قول الله تعالى: (إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (سورة النساء : 48) لكنْ لا ينبغي أن نَرْتَكن على المشيئة، فربما لا يُشاء الله المغفرة للإنسان، كما لا يَنبغي الارتكان على قوله تعالى: (وآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (سورة التوبة : 102) بل ينبغي أن نُبادِر بالتوبة من المعصية رجاء أن يَختِم الله لنا بالخير.